الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة : ( فإذا وصل إلى مزدلفة صلى المغرب والعشاء قبل حط الرحال ، يجمع بينهما ) .

[ ص: 514 ] قال أبو عبد الله - في رواية المروذي - : فإذا انتهيت إلى مزدلفة وهي جمع فاجمع بين المغرب والعشاء ، كل صلاة بإقامة ، ولا بأس إن صليتهما مع الإمام فهو أفضل ، وقل : اللهم هذه جمع ، فأسألك أن توفقني فيها لجوامع الخير كله ، فإنه لا يقدر على ذلك إلا أنت ، رب المشعر الحرام ، ورب الحرمات العظام ، أسألك أن تبلغ روح محمد - صلى الله عليه وسلم - عني السلام ، وتصلح لي نيتي ، وتشرح لي صدري ، وتطهر لي قلبي ، وتصلحني صلاح الدنيا والآخرة .

والجمع بين الصلاتين بمزدلفة من السنة المتواترة التي توارثتها الأمة ، قال جابر بن عبد الله في حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : " حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء قبل حط الرحال بأذان واحد وإقامتين ، ولم يسبح بينهما شيئا ، ثم اضطجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى طلع الفجر ، فصلى الفجر حين تبين له الصبح " . رواه مسلم .

وعن أبي أيوب : " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع - في حجة الوداع - المغرب والعشاء بمزدلفة " . متفق عليه .

وعن أسامة بن زيد قال : ردفت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفات ، فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الشعب الأيسر الذي دون المزدلفة أناخ ، قال : ثم جاء فصببت عليه الوضوء ، فتوضأ وضوءا خفيفا ، فقلت : الصلاة يا رسول الله ، قال : [ ص: 515 ] الصلاة أمامك ، فركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتى المزدلفة ، فصلى ، ثم أردف الفضل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة جمع ، قال كريب : فأخبرني عبد الله بن عباس ، عن الفضل : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة " . متفق عليه ، وفي رواية : " دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة ، فنزل الشعب بال ثم توضأ ، ولم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ، قال : الصلاة أمامك ، فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ الوضوء ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت الصلاة ، فصلى ، ولم يصل بينهما " . متفق عليه .

وهذا الجمع مسنون لكل حاج من المكيين وغيرهم ، وقد جاء ذلك منصوصا ، قال عبد الله بن مسعود : " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : إن الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا ، [ ص: 516 ] وصلاة الفجر هذه الساعة " . رواه البخاري .

وهذا حكم عام ، وتعليل عام ، وبيان أن العلة ليست مجرد السفر ، كما لم يكن هو المؤثر في تقديم الفجر ، وإنما ذاك لأجل الدفع من عرفات ، فأما على قول ... ، فإن صلى المغرب قبل أن يصل إلى المزدلفة أجزأه .

قال أبو الحارث : قلت لأحمد : فإن صلى المغرب بعرفة ، أو في الطريق ؟ قال : إن وصل إلى جمع أرجو أن يجزئه ، والسنة أن يصلي المغرب بجمع .

لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب بجمع .

التالي السابق


الخدمات العلمية