الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( : إذا حاضت المرأة حرم عليها الطهارة ; لأن الحيض يوجب الطهارة ، وما أوجب الطهارة منع صحتها كخروج البول ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذه المسألة عدها جماعات من مشكلات المهذب ; لكونه صرح بتحريم الطهارة ، والطهارة إفاضة الماء على الأعضاء ، وليس إفاضة الماء محرمة عليها مع أنها يستحب لها أنواع كثيرة من الطهارة كغسل الإحرام وغيره ، وقد وافق الشاشي المصنف في العبارة فقال في المعتمد : يحرم عليها الطهارة . والذي قاله جمهور الأصحاب : لا تصح طهارتها ، وذكر صاحب البيان في كتابه مشكلات المهذب : أن لكلام المصنف تأويلين ، ( أحدهما ) ( قال ) وهو الأظهر : إن معنى حرم عليها الطهارة أي لم تصح طهارتها وتعليله يقتضيه ، ( والثاني ) : مراده إذا قصدت الطهارة تعبدا مع علمها بأنها لا تصح [ ص: 383 ] فتأثم بهذا ; لأنها متلاعبة بالعبادة ، فأما إمرار الماء عليها بغير قصد العبادة فلا تأثم به بلا خلاف . وهذا كما أن الحائض إذا أمسكت عن الطعام بقصد الصوم أثمت ، وإن أمسكت بلا قصد لم تأثم . وهذا التأويل الثاني هو الصحيح ، كما يحرم على المحدث فعل الصلاة وإن كانت لا تصح منه . قال إمام الحرمين وجماعة من الخراسانيين : لا يصح غسل الحائض إلا على قول بعيد : أن الحائض تقرأ القرآن ، فعلى هذا لو أجنبت ثم حاضت لم يجز لها القراءة ، فلو اغتسلت صح غسلها وقرأت ، وقد سبق بيان هذا في باب ما يوجب الغسل .

                                      ( فرع ) هذا الذي ذكرناه من أنه لا تصح طهارة حائض ، هو في طهارة لرفع حدث سواء كانت وضوءا أو غسلا ، وأما الطهارة المسنونة للنظافة كالغسل للإحرام والوقوف ورمي الجمرة فمسنونة للحائض بلا خلاف . صرح بذلك أصحابنا وصرح به المصنف أيضا في أول باب الإحرام ، ويدل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين حاضت : { اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي } رواه البخاري ومسلم .




                                      الخدمات العلمية