الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ويجب ستر العورة بما لا يصف لون البشرة من ثوب صفيق أو جلد أو ورق ، فإن ستر بما يظهر منه لون البشرة من ثوب رقيق لم يجز ; لأن الستر لا يحصل بذلك ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال أصحابنا : يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة ، فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها ، ولا يكفي أيضا الغليظ المهلهل النسج الذي يظهر العورة من خلله ، فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر ، وحكى الدارمي وصاحب البيان وجها أنه لا يصح إذا وصف الحجم ، وهو غلط ظاهر ويكفي الستر بجميع أنواع الثياب والجلود والورق والحشيش المنسوج وغير ذلك مما يستر لون البشرة ، وهذا لا خلاف فيه ، ولو ستر بعض عورته بشيء من زجاج بحيث ترى البشرة منه لم تصح صلاته بلا خلاف ، ولو وقف في ماء صاف لم تصح صلاته إلا إذا غلبت الخضرة لتراكم الماء ، فإن انغمس إلى عنقه ومنعت الخضرة رؤية لون البشرة أو وقف في ماء كدر صحت على الأصح وصورة الصلاة في الماء أن يصلي على جنازة ، ولو طين عورته فاستتر اللون أجزأه على الصحيح وبه قطع الأصحاب سواء وجد ثوبا أم لا ، وفيه وجه حكاه الرافعي أنه لا يصح وهو شاذ مردود .

                                      قال أصحابنا : ويشترط ستر العورة من أعلى ومن الجوانب ، ولا يشترط من أسفل الذيل والإزار حتى لو كان عليه ثوب متسع الذيل فصلى على طرف سطح ورأى عورته من ينظر إليه من أسفل صحت صلاته ، كذا قاله الأصحاب كلهم إلا إمام الحرمين والشاشي فحكيا ما ذكرنا ، وتوقفا في صحة الصلاة في مسألة السطح ورأيا فسادها ، وسنبسط الكلام في القميص الواسع الجيب حيث ذكره المصنف إن شاء الله تعالى . ويشترط في الساتر أن يشمل المستور ، إما باللبس كالثوب والجلد ونحوهما ، وإما بغيره كالتطين ، فأما الخيمة الضيقة ونحوها فإذا دخل إنسان [ ص: 177 ] وصلى مكشوف العورة لم تصح صلاته ; لأنها ليست سترة ولا يسمى مستترا ، ولو وقف في جب وهو الخابية وصلى على جنازة فإن كان واسع الرأس يرى هو أو غيره منه العورة لم تصح صلاته ، وإن كان ضيقه فوجهان حكاهما الرافعي أصحهما - وبه قطع صاحب التتمة - تصح صلاته كثوب واسع الذيل ، ولو حفر حفيرة في الأرض وصلى على جنازة إن رد التراب فوارى عورته صحت صلاته ، وإلا فكالجب ذكره المتولي وغيره .




                                      الخدمات العلمية