الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( قال في الأم : وإن ترك الترتيب لم يضر ; لأن المقصود يحصل مع ترك الترتيب ، ويستحب إذا بلغ الشهادة أن يشير بالمسبحة لما رويناه من حديث ابن عمر وابن الزبير ووائل بن حجر رضي الله عنهم وهل يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في هذا التشهد ؟ فيه قولان ، قال في القديم : لا يصلي ; لأنها لو شرعت الصلاة فيه عليه لشرعت على آله كالتشهد الأخير ، وقال في الأم : يصلي عليه ; لأنه قعود شرع فيه فشرع فيه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كالقعود في آخر الصلاة ) .

                                      [ ص: 441 ]

                                      التالي السابق


                                      [ ص: 441 ] الشرح ) قوله ( قعود شرع فيه التشهد ) احتراز من الجلوس بين السجدتين ومن جلسة الاستراحة . وحاصل ما ذكره ثلاث مسائل ( إحداها ) استحباب الإشارة بالمسبحة ، وقد سبق بيان هذه المسألة وفروعها وبيان أحاديثها وما يتعلق بها في السابق .



                                      ( الثانية ) لفظ التشهد متعين فلو أبدله بمعناه لم تصح صلاته إن كان قادرا على لفظه بالعربية فإن عجز أجزأته ترجمته وعليه التعلم ، وقد سبق بيان هذه المسألة في فصل التكبير وحكى القاضي أبو الطيب وجها أنه لو قال : أعلم أن لا إله إلا الله بدل أشهد أجزأه ; لأنه بمعناه ، والصحيح المشهور أنه لا يجزيه كسائر الكلمات ، وينبغي أن يأتي بالتشهد مرتبا فإن ترك ترتيبه نظر إن غيره تغييرا مبطلا للمعنى لم تصح صلاته ، وتبطل صلاته إن تعمده ; لأنه كلام أجنبي ، وإن لم يغير فطريقان المذهب : صحته ، وهو المنصوص في الأم وبه قطع العراقيون وجماعة من الخراسانيين ( والثاني ) في صحته وجهان وقيل قولان حكاه الخراسانيون وصاحب الحاوي وقطع القاضي حسين والمتولي بأنه لا يصح والصحيح الأول . وقد روى مالك في الموطأ والبيهقي بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقول في التشهد " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " وقد سبق بيانه قريبا .



                                      ( الثالثة ) هل تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأول ؟ فيه قولان مشهوران ( القديم ) لا يشرع ، وبه قطع أبو حنيفة وأحمد وإسحاق وحكي عن عطاء والشعبي والنخعي والثوري .

                                      ( والجديد ) الصحيح عند الأصحاب تشرع ، ودليلهما في الكتاب . وحكى المحاملي في المجموع طريقين :

                                      ( أحدهما ) هذا ( والثاني ) يسن قولا واحدا وحكى صاحب العدة طريقين :

                                      ( أحدهما ) قولان ( والثاني ) لا يسن قولا واحدا فحصل ثلاث طرق المشهور في المسألة قولان والصحيح أنها تسن وهو نصه في الأم والإملاء وأما الصلاة على الآل في التشهد الأول ففيه طريقان :

                                      ( أحدهما ) وبه قطع المصنف وسائر العراقيين لا يشرع ( والثاني ) حكاه الخراسانيون أنه يبني على وجوبها في التشهد الأخير ، فإن لم نوجبها وهو المذهب لم تشرع هنا ، وإلا فقولان كالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قال الرافعي فإن [ ص: 442 ] قلنا لا تسن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول ولا في القنوت ففعلها في أحدهما ، أو أوجبناها على الأولى في الأخير ولم نسنها في الأول فإن أتى بها فيه فقد نقل ركنا إلى غير موضعه ، وفي بطلان الصلاة به خلاف وتفصيل يأتي إن شاء الله تعالى .



                                      ( فرع ) قال أصحابنا : يكره أن يزيد في التشهد الأول على لفظ التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والآل إذا سنناهما ، فيكره أن يدعو فيه أو يطوله بذكر آخر ، فإن فعل لم تبطل صلاته ولم يسجد للسهو سواء طوله عمدا أو سهوا ، هكذا نقل هذه الجملة الشيخ أبو حامد عن نص الشافعي واتفق الأصحاب عليها . وقد يحتج له بحديث أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه { أن النبي : صلى الله عليه وسلم كان في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف قالوا : حتى يقوم } رواه أبو داود والترمذي والنسائي وقال الترمذي : هو حديث حسن ، وليس كما قال ; لأن أبا عبيدة لم يسمع أباه ، ولم يدركه باتفاقهم ، وهو حديث منقطع .




                                      الخدمات العلمية