الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - : ( ويجوز للمتوضئ أن يصلي خلف المتيمم ; لأنه أتى عن طهارته ببدل ، فهو كمن غسل الرجل إذا صلى خلف ماسح الخف ، وفي صلاة الطاهرة خلف [ ص: 160 ] المستحاضة وجهان : ( أحدهما ) : يجوز كالمتوضئ خلف المتيمم ( والثاني ) : لا يجوز ; لأنها لم تأت بطهارة [ عن ] النجس ، ولأنها تقوم مقامها فهو كالمتوضئ خلف المحدث ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال أصحابنا : تجوز صلاة غاسل الرجل خلف ماسح الخف وصلاة المتوضئ خلف متيمم لا يلزمه القضاء ، بأن تيمم في السفر أو في الحضر لمرض وجراحة ونحوها ، وهذا بالاتفاق .

                                      فإن صلى خلف متيمم يلزمه القضاء كمتيمم في الحضر ، ومن لم يجد ماء ولا ترابا أو أمكنه تعلم الفاتحة فقصر وصلى لحرمة الوقت أو صلى مربوطا على خشبة أو محبوسا في موضع نجس أو عاريا ، وقلنا : تجب عليهم الإعادة أثم ولزمه الإعادة ; لأن صلاة إمامه غير مجزئة ، فهو كالمحدث ، ولو صلى من لم يجد ماء ، ولا ترابا خلف مثله لزمه الإعادة على الصحيح ، وفيه وجه حكاه الخراسانيون .

                                      أما صلاة الطاهرة خلف مستحاضة غير متحيرة ، وصلاة سليم خلف سلس البول أو المذي ، ومن به جرح سائل ، ففيها وجهان : مشهوران ( الصحيح ) : الصحة صححه إمام الحرمين والغزالي في البسيط ، وقطع به في الوسيط وصححه البغوي وخلائق ، ولا يغتر بتصحيح صاحب الانتصار .

                                      خلافه ، وقال إمام الحرمين : الذي كان يقطع به شيخي ، ونقله في المذهب : الصحة وذكر بعض العراقيين وجها ، وهو ركيك لا أصل له ، واستدلوا للصحة مع ما ذكره المصنف بالقياس على من صلى خلف مستجمر بالأحجار أو بمن على ثوبه أو بدنه نجاسة يعفى عنها ، فإن اقتداءه صحيح بالاتفاق .

                                      ( فرع ) في مذاهب العلماء في المسألة قد ذكرنا أن مذهبنا جواز صلاة المتوضئ خلف المتيمم الذي لا يقضي ، وبه قال جمهور العلماء ، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وعمار بن ياسر ونفر من الصحابة رضي الله عنهم ، وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن والزهري وحماد بن أبي سليمان ومالك والثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وأحمد وإسحاق وأبي ثور ، قال : وكرهه علي بن أبي طالب وربيعة ويحيى الأنصاري والنخعي ومحمد بن الحسن [ ص: 161 ] وقال الأوزاعي : لا يؤمهم إلا أن يكون أميرا أو يكونوا متيممين مثله ، قال : وأجمعوا على أن المتوضئ يؤم المتيممين .




                                      الخدمات العلمية