الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى : ( إذا قوم العرض فقد قال في " الأم " : يخرج الزكاة مما قوم به . وقال في القديم : فيه قولان : ( أحدهما ) : أنه يخرج ربع عشر قيمته [ ص: 28 ]

                                      ( والثاني ) : يخرج ربع عشر العرض ، وقال في موضع آخر : لا يخرج إلا العين أو الورق أو العرض ، فمن أصحابنا من قال : فيه ثلاثة أقوال .

                                      ( أحدها ) : يخرج من الذي قوم به ; لأن الوجوب يتعلق به .

                                      ( والثاني ) : يخرج من العرض ; لأن الزكاة تجب لأجله .

                                      ( والثالث ) : يخير بينهما ; لأن الزكاة تتعلق بهما فيخير بينهما ، وقال أبو إسحاق : فيه قولان .

                                      ( أحدهما ) : يخرج مما قوم به .

                                      ( والثاني ) : أنه بالخيار . فقال أبو علي بن أبي هريرة : فيه قولان : ( أحدهما ) : يخرج مما قوم به .

                                      ( والثاني ) : يخرج العرض ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال الشافعي والأصحاب : زكاة عرض التجارة ربع العشر بلا خلاف ، ولا وقص فيه كالنقد ، وفيما يجب إخراجه طرق كما ذكره المصنف حاصلها ثلاثة أقوال ( أصحها ) عند الأصحاب ، وهو نصه في " الأم " والمختصر " وهو الجديد ، وبه الفتوى وعليه العمل : يجب ربع عشر القيمة مما قوم به ، ولا يجوز أن يخرج من نفس العرض .

                                      ( والثاني ) : يجب الإخراج من نفس العرض ولا تجزئ القيمة .

                                      ( والثالث ) : يتخير بينهما ، وقد ذكر المصنف دليل الجميع ، والقول الثاني والثالث قديمان ضعيفان ، وحكى الصيمري طريقا رابعا ، وهو أنه إن كان العرض حنطة أو شعيرا أو مما ينفع المساكين أخرج منه ، وإن كان عقارا أو حيوانا فمن القيمة نقدا .



                                      ( فرع ) ذكره الأصحاب تفريعا على هذه الأقوال الثلاثة السابقة قالوا : إذا اشترى بمائتي درهم مائتي قفيز حنطة أو بمائة - وقلنا : يعتبر النصاب آخر الحول فقط وهو الأصح ، وحال الحول وهي تساوي مائتين - فعلى الصحيح الجديد - عليه خمسة دراهم ، وعلى الثاني خمسة أقفزة ، وعلى الثالث يتخير بينهما .

                                      ( قالوا ) : فلو أخر إخراج الزكاة حتى نقصت القيمة فعادت إلى مائة درهم نظر إن كان ذلك قبل إمكان الأداء ، وقلنا : الإمكان شرط للوجوب ، فلا زكاة ، وإن قلنا : شرط للضمان لا للوجوب لزمه على [ ص: 29 ] الجديد الصحيح درهمان ونصف ، وعلى الثاني خمسة أقفزة ، وعلى الثالث يتخير بينهما ، وإن كان بعد الإمكان لزمه على الجديد خمسة دراهم ; لأن النقصان من ضمانه ، وعلى الثاني خمسة أقفزة ، ولا يلزمه ضمان نقصان القيمة مع بقاء العين كالغاصب ، وعلى الثالث يتخير بينهما . ولو أخر الإخراج فبلغت القيمة أربعمائة - فإن كان قبل إمكان الأداء ، وقلنا : وهو شرط الوجوب - لزمه على الجديد عشرة دراهم ، وعلى الثاني خمسة أقفزة ، وعلى الثالث يتخير بينهما ، وإن قلنا : شرط في الضمان لزمه على الجديد خمسة دراهم ، وعلى الثاني خمسة أقفزة قيمتها عشرة دراهم ; لأن هذه الزيادة في ماله ومال المساكين . هذا هو الصحيح عند الأصحاب . وقال ابن أبي هريرة : يكفيه على هذا القول خمسة أقفزة قيمتها خمسة دراهم ; لأن هذه الزيادة حدثت بعد وجوب الزكاة ، وهي محسوبة في الحول الثاني .

                                      وعلى الثالث يتخير بينهما ، ولو بلغت الحنطة بعد وجوب الزكاة وقيمتها مائتا درهم فصارت أربعمائة درهم لزمه على الجديد خمسة دراهم ; لأنها القيمة يوم الإتلاف ، وعلى الثاني خمسة أقفزة قيمتها عشرة دراهم . وعلى الثالث يتخير بينهما .




                                      الخدمات العلمية