الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( قال : وأكره له العلك ; لأنه يجفف الفم ويعطش ولا يفطر ; لأنه يدور في الفم ولا ينزل إلى الجوف شيء ، فإن تفرك وتفتت فوصل منه شيء إلى الجوف بطل الصوم ، ويكره له أن يمضغ الخبز ، فإن كان له ولد صغير ولم يكن له من يمضغ غيره لم يكره له ذلك ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قوله : ( قال ) يعني الشافعي ، والعلك - بكسر العين - هذا هو المعروف ، ويجوز فتح العين ويكون المراد الفعل وهو مضغ العلك ، وإدارته ، وقوله ( يمضغ ) هو - بفتح الضاد وضمها - لغتان .

                                      ( أما الأحكام ) ففيها مسألتان : ( إحداهما ) قال الشافعي والأصحاب : يكره للصائم العلك ; لأنه يجمع الريق ويورث العطش والقيء ، وروى البيهقي بإسناده عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت : " لا يمضغ العلك الصائم " ولفظ الشافعي في مختصر المزني ( وأكره العلك ; لأنه يحلب الفم ) قال صاحب الحاوي : رويت هذه اللفظة بالجيم وبالحاء فمن قال بالجيم فمعناه يجمع الريق فربما ابتلعه وذلك يبطل الصوم في أحد الوجهين ومكروه في الآخر ، قال : وقد قيل : معناه يطيب الفم ويزيل الخلوف ، قال : ومن قاله بالحاء فمعناه يمتص الريق ويجهد الصائم فيورث العطش . قال أصحابنا : ولا يفطر بمجرد العلك ولا بنزول الريق منه إلى جوفه ، فإن تفتت فوصل من جرمه شيء إلى جوفه عمدا أفطر ، وإن شك في ذلك لم يفطر ولو نزل طعمه في جوفه أو ريحه دون [ ص: 395 ] جرمه لم يفطر ; لأن ذلك الطعم بمجاورة الريق له ، هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور ، وحكى الدارمي وجها عن ابن القطان أنه إن ابتلع الريق وفيه طعمه أفطر وليس بشيء .



                                      ( الثانية ) يكره له مضغ الخبز وغيره من غير عذر ، وكذا ذوق المرق والخل وغيرهما ، فإن مضغ أو ذاق ولم ينزل إلى جوفه شيء منه لم يفطر فإن احتاج إلى مضغه لولده أو غيره ولم يحصل الاستغناء عن مضغه ، لم يكره ; لأنه موضع ضرورة وروى البيهقي بإسناده الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : " لا بأس أن يتطاعم الصائم بالشيء " يعني المرقة ونحوها .




                                      الخدمات العلمية