الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( وإن حاضت المعتكفة خرجت من المسجد ; لأنه لا يمكنها المقام في المسجد وهل يبطل اعتكافها ؟ ينظر فيه فإن كان الاعتكاف في مدة لا يمكن حفظها من الحيض لم يبطل فإذا طهرت بنت عليه كما لو حاضت في صوم [ شهرين متتابعين ، وإن كان في مدة يمكن حفظها من الحيض بطل كما لو حاضت في صوم ] ثلاثة أيام متتابعة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) قال الشافعي في البويطي : إذا حاضت المعتكفة خرجت . فإذا طهرت رجعت وبنت . هكذا نص عليه ونقله عن نصه في البويطي القاضي أبو الطيب وغيره . قال أصحابنا : إذا حاضت في اعتكافها لزمها الخروج من المسجد ، فإذا خرجت وطهرت - فإن كان اعتكافها تطوعا وأرادت البناء عليه - بنت ، وإن كان نذرا غير متتابع بنت ، وإن كان متتابعا - فإن كان مدة لا يمكن حفظها من الحيض غالبا بأن كان أكثر من خمسة عشر يوما - لم يبطل التتابع بل تبني عليه بلا خلاف ، وإن كانت مدة يمكن حفظها من الحيض كخمسة عشر فما دونها فطريقان ( أحدهما ) ينقطع ، وبهذا جزم المصنف وطائفة .

                                      ( والثاني ) فيه خلاف كالخلاف في انقطاع تتابع صوم كفارة اليمين بالحيض إذا أوجبنا تتابعه . ومنهم من حكى هذا الخلاف وجهين ، ومنهم من حكاه قولين وممن حكاه البغوي ، والأصح الانقطاع . قال البغوي : " ولو نفست فهو كما لو حاضت " والله أعلم .

                                      ( فرع ) والمستحاضة المعتكفة لا يجوز لها الخروج من المسجد إن كان اعتكافها نذرا ، سواء المتتابع وغيره ; لأنها كالطاهر ، ولكن تحترز [ ص: 549 ] عن تلويث المساجد ، وقد ثبت في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : { اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه وهي مستحاضة ، فكانت ترى الدم والصفرة والطست تحتها وهي تصلي } وممن ذكر المسألة صاحب الحاوي وابن المنذر وأشار إلى أنها مجمع عليها .

                                      فرع في مذاهب العلماء في المعتكفة إذا حاضت قد ذكرنا أن مذهبنا أنه يلزمها الخروج من المسجد ، وإذا خرجت سكنت في بيتها كما كانت قبل الاعتكاف حتى ينقطع حيضها ، ثم تعود إلى اعتكافها ، وحكاه ابن المنذر عن عمرو بن دينار والزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأبي حنيفة ، قال : قال أبو قلابة : تضرب خباءها على باب المسجد ، قال النخعي : تضربه في دارها حتى تطهر فتعود إلى الاعتكاف . .




                                      الخدمات العلمية