الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      ( الثانية ) إذا أفتى بشيء ثم رجع عنه فإن علم المستفتي برجوعه ، ولم يكن عمل بالأول لم يجز العمل به ، وكذا إن نكح بفتواه واستمر على نكاح بفتواه ثم رجع ، لزمه مفارقتها كما لو تغير اجتهاد من قلده في القبلة في أثناء صلاته ، وإن كان عمل قبل رجوعه فإن خالف دليلا قاطعا لزم المستفتي نقض عمله ذلك ، وإن كان في محل اجتهاد لم يلزمه نقضه ; لأن الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد . وهذا التفصيل ذكره الصيمري والخطيب وأبو عمرو ، واتفقوا عليه ، ولا أعلم خلافه ، وما ذكره الغزالي والرازي ليس فيه تصريح بخلافه . قال أبو عمرو : وإذا كان يفتي على مذهب إمام فرجع لكونه بان له قطعا مخالفة نص مذهب إمامه ، وجب نقضه وإن كان في محل الاجتهاد ; لأن نص مذهب إمامه في حقه كنص الشارع في حق المجتهد المستقل . أما إذا لم يعلم المستفتي برجوع المفتي فحال المستفتي في علمه كما قبل الرجوع ، ويلزم المفتي إعلامه قبل العمل ، وكذا بعده حيث يجب النقض ، وإذا عمل بفتواه في إتلاف فبان خطؤه وأنه خالف القاطع فعن الأستاذ أبي إسحاق أنه يضمن إن كان أهلا للفتوى ، ولا يضمن إن لم يكن أهلا ; لأن المستفتي قصر . كذا حكاه الشيخ أبو عمرو وسكت عليه ، وهو مشكل وينبغي أن يخرج الضمان على قولي الغرور المعروف في بابي الغصب والنكاح وغيرهما ، أو يقطع بعدم الضمان ; إذ ليس في الفتوى إلزام ولا إلجاء .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية