الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      " الخامسة عشرة " : إذا رأى المفتي رقعة الاستفتاء وفيها خط غيره ، ممن هو أهل للفتوى ، وخطه فيها موافق لما عنده ، قال الخطيب وغيره : كتب تحت خطه : هذا جواب صحيح ، وبه أقول . أو كتب : جوابي مثل هذا . وإن شاء ذكر الحكم بعبارة ألخص من عبارة الذي كتب ، وأما إذا [ ص: 88 ] رأى فيها خط من ليس أهلا للفتوى ، فقال الصيمري : لا يفتي معه ; لأن ذلك تقريرا منه لمنكر ، بل يضرب على ذلك بأمر صاحب الرقعة ، ولو لم يستأذنه في هذا القدر جاز ، لكن ليس له احتباس الرقعة إلا بإذن صاحبها . قال : وله انتهار السائل وزجره ، وتعريفه قبح ما أتاه ، وأنه كان واجبا عليه البحث عن أهل للفتوى ، وطلب من هو أهل لذلك ، وإن رأى فيها اسم من لا يعرفه سأل عنه ، فإن لم يعرفه فواسع أن يمتنع من الفتوى معه ، خوفا مما قلناه . قال : وكان بعضهم في مثل هذا يكتب على ظهرها ، قال : والأولى في هذا الموضع أن يشار على صاحبها بإبدالها ، فإن أبى ذلك أجابه شفاها . قال أبو عمرو : وإذا خاف فتنة من الضرب على فتيا العادم للأهلية ، لم تكن خطأ ، عدل إلى الامتناع من الفتيا معه ، فإن غلبت فتاويه لتغلبه في منصبها بجاه أو تلبيس أو غير ذلك ، بحيث صار امتناع الأهل من فتيا معه ضارا بالمستفتين ، فليفت معه ، فإن ذلك أهون الضررين ، وليتلطف مع ذلك في إظهار قصوره لمن يجهله . أما إذا وجد فتيا من هو أهل وهي خطأ مطلقا بمخالفتها القاطع ، أو خطأ على مذهب من يفتي ذلك خطئ على مذهبه قطعا فلا يجوز له الامتناع من الإفتاء ، تاركا للتنبيه في خطئها إذا لم يكفه ذلك غيره ، بل عليه الضرب عليها عند تيسره ، أو إبدال وتقطيع الرقعة بإذن صاحبها ، أو نحو ذلك . وما يقوم مقامه وكتب صواب جوابه عند ذلك الخطأ ، ثم إن كان المخطئ أهلا للفتوى فحسن إن إليه بإذن صاحبها أما إذا وجد فيها فتيا أهل للفتوى ، وهي على خلاف ما يراه هو ، غير أنه لا يقطع بخطئها ، فليقتصر على كتب جواب نفسه ، لا يتعرض لفتيا غيره بتخطئة ، ولا اعتراض قال صاحب الحاوي : لا يسوغ إذا استفتي أن يتعرض لجواب غيره برد ولا تخطئة ، ويجيب بما عنده موافقة أو مخالفة .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية