الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      " الرابعة " : إذا اختلف عليه فتوى مفتيين ففيه خمسة أوجه للأصحاب . أحدها : يأخذ بأغلظهما والثاني : بأخفهما ، والثالث : يجتهد في الأولى فيأخذ بفتوى الأعلم الأورع كما سبق إيضاحه واختاره السمعاني الكبير ونص الشافعي رضي الله عنه على مثله في القبلة ، والرابع : يسأل مفتيا آخر فيأخذ بفتوى من وافقه ، والخامس : يتخير فيأخذ . بقول أيهما شاء وهذا هو الأصح عند الشيخ أبي إسحاق الشيرازي المصنف ، وعند الخطيب البغدادي ، ونقله المحاملي في أول المجموع عن أكثر أصحابنا واختاره صاحب الشامل فيما إذا تساوى المفتيان في نفسه . وقال الشيخ أبو عمرو : المختار : إن عليه أن يبحث عن الأرجح فيعمل به فإنه حكم التعارض فيبحث عن الأوثق من المفتين فيعمل بفتواه ، وإن لم يترجح عنده أحدهما استفتى آخر ، وعمل بفتوى من وافقه ، فإن تعذر ذلك وكان اختلافهما في التحريم والإباحة ، وقبل العمل ، اختار التحريم ، فإنه أحوط ، وإن تساويا من كل وجه خيرناه بينهما ، وإن أبينا التخيير في غيره ; لأنه ضرورة وفي صورة نادرة .

                                      قال الشيخ : ثم إنما نخاطب بما ذكرناه المفتين ، وأما العامي الذي وقع له فحكمه أن يسأل عن ذلك ذينك المفتيين أو مفتيا آخر وقد أرشدنا المفتي إلى ما يجيبه به وهذا الذي اختاره الشيخ ليس بقوي بل الأظهر أحد الأوجه الثلاثة ، وهي : الثالث والرابع ، والخامس ، والظاهر أن الخامس أظهرها ; لأنه ليس من أهل الاجتهاد ، وإنما فرضه أن يقلد عالما أهلا لذلك ، وقد فعل ذلك بأخذه بقول من شاء منهما والفرق بينه وبين ما نص عليه في القبلة أن أمارتها حسية فإدراك صوابها أقرب ، فيظهر التفاوت بين المجتهدين فيها ، والفتاوى أمارتها معنوية فلا يظهر كبير تفاوت بين المجتهدين والله أعلم .

                                      التالي السابق


                                      الخدمات العلمية