الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1719 ) مسألة : قال : ( وتعد عليهم السخلة ، ولا تؤخذ منهم ) السخلة ، بفتح السين وكسرها : الصغيرة من أولاد المعز . وجملته أنه متى كان عنده نصاب كامل فنتجت منه سخال في أثناء الحول ، وجبت الزكاة في الجميع عند تمام حول الأمهات ، في قول أكثر أهل العلم . وحكي عن الحسن والنخعي لا زكاة في السخال حتى يحول عليها الحول .

                                                                                                                                            ولقوله عليه السلام { لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول . } ولنا ، ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قال لساعيه : اعتد عليهم بالسخلة ، يروح بها الراعي على يديه ، ولا تأخذها منهم . وهو مذهب علي ، ولا نعرف لهما في عصرهما مخالفا ، فكان إجماعا ، ولأنه نماء نصاب ، فيجب أن يضم إليه في الحول ، كأموال التجارة ، والخبر مخصوص بمال التجارة ، فنقيس عليه . فأما إن لم يكمل النصاب إلا بالسخال ، احتسب الحول من حين كمل النصاب ، في الصحيح من المذهب . وهو قول الشافعي وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وعن أحمد رواية أخرى ، أنه يعتبر حول الجميع من حين ملك الأمهات . وهو قول مالك لأن الاعتبار بحول الأمهات دون السخال فيما إذا كانت نصابا ، وكذلك إذا لم تكن نصابا . ولنا ، أنه لم يحل الحول على نصاب ، فلم تجب الزكاة فيها ، كما لو كملت بغير سخالها ، أو كمال التجارة ، فإنه لا تختلف الرواية فيه . وإن نتجت السخال بعد الحول ، ضمت إلى أمهاتها في الحول الثاني وحده .

                                                                                                                                            والحكم في فصلان الإبل ، وعجول البقر ، كالحكم في السخال . إذا ثبت هذا فإن السخلة لا تؤخذ في الزكاة ، لما قدمنا من قول عمر ، ولما سنذكره في المسألة التي تلي هذه ، ولا نعلم فيه خلافا ، إلا أن يكون النصاب كله صغارا ، فيجوز أخذ الصغيرة في الصحيح من المذهب ، وإنما يتصور ذلك ، بأن يبدل كبارا بصغار في أثناء الحول ، أو يكون عنده نصاب من الكبار ، فتوالد نصاب من الصغار ، ثم تموت الأمهات ، ويحول الحول على الصغار .

                                                                                                                                            وقال أبو بكر لا يؤخذ أيضا إلا كبيرة تجزئ في الأضحية . وهو قول مالك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم { إنما حقنا في الجذعة } [ ص: 246 ] أو الثنية . ولأن زيادة السن في المال لا يزيد به الواجب ، كذلك نقصانه لا ينقص به . ولنا ، قول الصديق رضي الله عنه والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها .

                                                                                                                                            فدل على أنهم كانوا يؤدون العناق ، ولأنه مال تجب فيه الزكاة من غير اعتبار قيمته ، فيجب أن يأخذ من عينه ، كسائر الأموال ، والحديث محمول على ما فيه كبار . وأما زيادة السن فليس تمنع الرفق بالمالك في الموضعين ، كما أن ما دون النصاب عفو ، وما فوقه عفو ، وظاهر قول أصحابنا أن الحكم في الفصلان والعجول ، كالحكم في السخال ; لما ذكرنا في الغنم ، ويكون التعديل بالقيمة مكان زيادة السن ، كما قلنا في إخراج الذكر من الذكور .

                                                                                                                                            ويحتمل أن لا يجوز إخراج الفصلان والعجول ، وهو قول الشافعي كي لا يفضي إلى التسوية بين الفروض ، فإنه يفضي إلى إخراج ابنة المخاض عن خمس وعشرين ، وست وثلاثين ، وست وأربعين ، وإحدى وستين ، ويخرج ابنتي اللبون عن ست وسبعين ، وإحدى وتسعين ، ومائة وعشرين ، ويفضي إلى الانتقال من ابنة اللبون الواحدة من إحدى وستين ، إلى اثنتين في ست وسبعين ، مع تقارب الوقص بينهما ، وبينهما في الأصل أربعون ، والخبر ورد في السخال ، فيمتنع قياس الفصلان والعجول عليهما ; لما بينهما من الفرق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية