الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1733 ) فصل : إذا ملك رجل أربعين شاة في المحرم ، وأربعين في صفر ، وأربعين في ربيع ، فعليه في الأول عند تمام حوله شاة ، فإذا تم حول الثاني ، فعلى وجهين ; أحدهما ، لا زكاة فيه ; لأن الجميع ملك واحد ، فلم يزد فرضه على شاة واحدة ، كما لو اتفقت أحواله . والثاني ، فيه الزكاة ; لأن الأول استقل بشاة ، فيجب الزكاة في الثاني ، وهي نصف شاة ; لاختلاطها بالأربعين الأولى من حين ملكها . وإذا تم حول الثالث فعلى وجهين ; أحدهما لا زكاة فيه . والثاني ، فيه الزكاة ، وهو ثلث شاة ; لأنه ملكه مختلطا بالثمانين المتقدمة .

                                                                                                                                            وذكر أبو الخطاب فيه وجها ثالثا ، وهو [ ص: 253 ] أنه يجب في الثاني شاة كاملة ، وفي الثالث شاة كاملة لأنه نصاب كامل وجبت الزكاة فيه بنفسه ، فوجبت فيه شاة كاملة ، كما لو انفرد . وهذا ضعيف ; لأنه لو كان المالك للثاني والثالث أجنبيين ، ملكاهما مختلطين ، لم يكن عليهما إلا زكاة خلطة ، فإذا كان لمالك الأول كان أولى ، فإن ضم بعض ماله إلى بعض أولى من ضم ملك الخليط إلى خليطه .

                                                                                                                                            وإن ملك في الشهر الثاني ما يغير الفرض ، مثل أن ملك مائة شاة ، فعليه فيه عند تمام حوله شاة ثانية ، على الوجه الأول . وكذلك الثالث ; لأننا نجعل ملكه في الإيجاب ، كملكه للكل في حال واحدة ، فيصير كأنه ملك مائتين وأربعين ، فيجب عليه ثلاث شياه ، عند تمام حول كل مال شاة .

                                                                                                                                            وعلى الوجه الثاني ، يجب عليه في الشهر الثاني حصته من فرض المالين معا ، وهو شاة وثلاثة أسباع شاة ; لأنه لو ملك المالين دفعة واحدة ، كان عليه فيهما شاتان ، حصة المائة منها خمسة أسباعهما ، وهو شاة وثلاثة أسباع شاة ، وعليه في الثالث شاة وربع ; لأنه لو ملك الجميع دفعة واحدة ، وهو مائتان وأربعون شاة ، لكان عليه ثلاث شياه ، حصة الثالث منهن ربعهن وسدسهن ، وهو شاة وربع . ولو كان المالك للأموال الثلاثة ثلاثة أشخاص ، وملك الثاني سائمته مختلطة بسائمة الأول ، ثم ملك الثالث سائمته مختلطة بغنمهما ، لكان الواجب على الثاني والثالث كالواجب على المالك في الوجه الثاني ، لا غير .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية