الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1813 ) فصل : الحكم الثاني ، أن الزكاة تجب بحلول الحول ، سواء تمكن من الأداء أو لم يتمكن . وبهذا قال أبو حنيفة ، وهو أحد قولي الشافعي . وقال في الآخر : التمكن من الأداء شرط ، فيشترط للوجوب ثلاثة أشياء : الحول ، والنصاب ، والتمكن من الأداء . وهذا قول مالك .

                                                                                                                                            حتى لو أتلف الماشية بعد الحول قبل إمكان الأداء لا زكاة عليه ، إذا لم يقصد الفرار من الزكاة ; لأنها عبادة ، فيشترط لوجوبها إمكان أدائها كسائر العبادات . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول } . فمفهومه ، وجوبها عليه إذا حال الحول ، ولأنه لو لم يتمكن من الأداء حتى حال عليه حولان ، وجبت عليه زكاة الحولين ، ولا يجوز وجوب فرضين في نصاب واحد في حال واحدة ، وقياسهم ينقلب عليهم ، فإننا نقول : هذه عبادة ، فلا يشترط لوجوبها إمكان أدائها ، كسائر العبادات ، فإن الصوم يجب على الحائض والمريض العاجز عن أدائه ، والصلاة تجب على المغمى عليه والنائم ، ومن أدرك من أول الوقت جزءا ثم جن أو حاضت المرأة ، والحج يجب على من أيسر في وقت لا يتمكن من الحج فيه ، أو منعه من المضي مانع .

                                                                                                                                            ثم الفرق بينهما ، أن تلك عبادات بدنية ، يكلف فعلها ببدنه ، فأسقطها تعذر فعلها ، وهذه عبادة مالية ، يمكن ثبوت الشركة للمساكين في ماله والوجوب في ذمته مع عجزه عن الأداء ، كثبوت الديون في ذمة المفلس وتعلقها بماله بجنايته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية