الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 309 ] فصل : فأما ما جلا عنها أهلها خوفا من المسلمين ، فهذه تصير وقفا بنفس الظهور عليها ; لأن ذلك متعين فيها ، إذ لم يكن لها غانم ، فكان حكمها حكم الفيء يكون للمسلمين كلهم . وقد روي أنها لا تصير وقفا حتى يقفها الإمام ، وحكمها حكم العنوة إذا وقفت . وما صالح عليه الكفار من أرضهم ، على أن الأرض لنا ، ونقرهم فيها بخراج ، معلوم ، فهو وقف أيضا ، حكمه حكم ما ذكرناه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فتح خيبر ، وصالح أهلها على أن يعمروا أرضها ، ولهم نصف ثمرتها ، فكانت للمسلمين منهم ، وصالح بني النضير على أن يجليهم من المدينة ، ولهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال ، إلا الحلقة - يعني السلاح - فكانت مما أفاء الله على رسوله .

                                                                                                                                            فأما ما صولحوا عليه ، على أن الأرض لهم ، ونقرهم فيها بخراج معلوم . فهذا الخراج في حكم الجزية ، تسقط بإسلامهم ، والأرض لهم لا خراج عليها ; لأن الخراج الذي ضرب عليهم إنما كان من أجل كفرهم ، بمنزلة الجزية المضروبة على رءوسهم ، فإذا أسلموا سقط ، كما تسقط الجزية ، وتبقى الأرض ملكا لهم ، لاخراج عليها . ولو انتقلت الأرض إلى مسلم ، لم يجب عليها خراج لذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية