الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1869 ) فصل : فإن كان في غلة الأرض ما لا عشر فيه ، كالثمار التي لا زكاة فيها ، والخضراوات ، وفيها زرع فيه الزكاة ، جعل ما لا زكاة فيه في مقابلة الخراج ، وزكي ما فيه الزكاة ، إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بالخراج . وإن لم يكن لها عليه إلا ما تجب فيه الزكاة ، أدي الخراج من غلتها ، وزكي ما بقي .

                                                                                                                                            وهذا قول عمر بن عبد العزيز . روى أبو عبيد ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الله بن أبي عوف عامله على فلسطين ، في من كانت في يده أرض يحرثها من المسلمين ، أن يقبض منها جزيتها ، ثم يأخذ منها زكاة ما بقي بعد الجزية . قال ابن أبي عبلة : أنا ابتليت بذلك ، ومني أخذوا ذلك لأن الخراج من مؤنة الأرض ، فيمنع وجوب الزكاة في قدره ، كما قال أحمد : من استدان ما أنفق على زرعه ، واستدان ما أنفق على أهله ، احتسب ما أنفق على زرعه دون ما أنفق على أهله . لأنه من مؤنة الزرع . وبهذا قال ابن عباس .

                                                                                                                                            وقال عبد الله بن عمر : يحتسب بالدينين جميعا ، ثم يخرج مما بعدهما . وحكي عن أحمد ، أن الدين كله يمنع الزكاة في الأموال الظاهرة . فعلى هذه الرواية يحسب كل دين عليه ، ثم يخرج العشر مما بقي إن بلغ نصابا .

                                                                                                                                            وإن لم يبلغ نصابا فلا عشر فيه ; وذلك لأن الواجب زكاة ، فمنع الدين وجوبها ، كزكاة الأموال الباطنة ، ولأنه دين ، فمنع وجوب العشر ، كالخراج ، وما أنفقه على زرعه . والفرق بينهما على الرواية الأولى ، أن ما كان من مؤنة الزرع ، فالحاصل في مقابلته يجب صرفه إلى غيره ، فكأنه لم يحصل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية