الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 338 ] فصل : وإذا اشترى للتجارة نصابا من السائمة ، فحال الحول ، والسوم ونية التجارة موجودان ، زكاه زكاة التجارة . وبهذا قال أبو حنيفة ، والثوري . وقال مالك ، والشافعي في الجديد : يزكيها زكاة السوم ; لأنها أقوى ، لانعقاد الإجماع عليها ، واختصاصها بالعين ، فكانت أولى . ولنا ، أن زكاة التجارة أحظ للمساكين ; لأنها تجب فيما زاد بالحساب ، ولأن الزائد عن النصاب قد وجد سبب وجوب زكاته ، فيجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصابا ، وإن سبق وقت وجوب زكاة السوم وقت وجوب زكاة التجارة ، مثل أن يملك أربعين من الغنم قيمتها دون مائتي درهم ، ثم صارت قيمتها في نصف الحول مائتي درهم ، فقال القاضي : يتأخر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة ; لأنه أنفع للفقراء ، وإلا يفضي التأخير إلى سقوطها ; لأن الزكاة تجب فيها إذا تم حول التجارة .

                                                                                                                                            ويحتمل أن تجب زكاة العين عند تمام حولها ; لوجود مقتضيها من غير معارض . فإذا تم حول التجارة ، وجبت زكاة الزائد عن النصاب ; لوجود مقتضيها ، لأن هذا مال للتجارة ، حال الحول عليه وهو نصاب ، ولا يمكن إيجاب الزكاتين بكمالهما ; لأنه يفضي إلى إيجاب زكاتين في حول واحد ، بسبب واحد ، فلم يجز ذلك ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لا تثني في الصدقة } . وفارق هذا زكاة التجارة ، وزكاة الفطر ، فإنهما يجتمعان لأنهما بسببين ، فإن زكاة الفطر ، تجب عن بدن الإنسان المسلم طهرة له ، وزكاة التجارة تجب عن قيمته شكرا لنعمة الغنى ومواساة للفقراء .

                                                                                                                                            فأما إن وجد نصاب السوم دون نصاب التجارة ، مثل أن يملك ثلاثين من البقر ، قيمتها مائة وخمسون درهما ، وحال الحول عليها كذلك ، فإن زكاة العين تجب بغير خلاف ; لأنه لم يوجد لها معارض ، فوجبت ، كما لو لم تكن للتجارة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية