الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2429 ) فصل : ومتى كان المحصر محرما بعمرة ، فله التحلل ونحر هديه وقت حصره ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه زمن الحديبية ، حلوا ونحروا هداياهم بها قبل يوم النحر . وإن كان مفردا أو قارنا ، فكذلك في إحدى الروايتين ; لأن الحج أحد النسكين ، فجاز الحل منه ونحر هديه وقت حصره ، كالعمرة ، ولأن العمرة لا تفوت ، وجميع الزمان وقت لها ، فإذا جاز الحل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها ، فالحج الذي يخشى فواته أولى . [ ص: 175 ]

                                                                                                                                            والرواية الثانية ، لا يحل ، ولا ينحر هديه إلى يوم النحر . نص عليه في رواية الأثرم ، وحنبل ; لأن للهدي محل زمان ومحل مكان . فإن عجز محل المكان فسقط ، بقي محل الزمان واجبا لإمكانه ، وإذا لم يجز له نحر الهدي قبل يوم النحر ، لم يجز التحلل ; لقوله سبحانه : { ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله } . وإذا قلنا بجواز التحلل قبل يوم النحر ، فالمستحب له مع ذلك الإقامة مع إحرامه ، رجاء زوال الحصر ، فمتى زال قبل تحلله ، فعليه المضي لإتمام نسكه ، بغير خلاف نعلمه .

                                                                                                                                            قال ابن المنذر : قال كل من أحفظ عنه من أهل العلم : إن من يئس أن يصل إلى البيت ، فجاز له أن يحل ، فلم يفعل حتى خلي سبيله ، إن عليه أن يقضي مناسكه ، وإن زال الحصر بعد فوات الحج ، تحلل بعمل عمرة ، فإن فات الحج قبل زوال الحصر ، تحلل بهدي . وقيل : عليه هاهنا هديان ; هدي للفوات ، وهدي للإحصار . ولم يذكر أحمد ، في رواية الأثرم ، هديا ثانيا في حق من لا يتحلل إلى يوم النحر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية