الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2822 ) مسألة ; قال : ( والبر والشعير جنسان ) هذا هو المذهب ، وبه يقول الثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وعن أحمد ، أنهما جنس واحد . وحكي ذلك عن سعد بن أبي وقاص ، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث ، وابن معيقيب الدوسي ، والحكم ، وحماد ، ومالك ، والليث ; لما روي عن معمر بن عبد الله ، أنه أرسل غلامه بصاع قمح ، فقال : بعه ، ثم اشتر به شعيرا . فذهب الغلام ، فأخذ صاعا وزيادة بعض صاع ، فلما جاء معمرا ، أخبره بذلك ، فقال له معمر : لم فعلت ذلك ؟ انطلق فرده ، ولا تأخذن إلا مثلا بمثل ، فإن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام بالطعام إلا مثلا بمثل } ، وكان طعامنا يومئذ الشعير . قيل : فإنه ليس بمثله . قال : إني أخاف أن يضارع . أخرجه مسلم . ولأن أحدهما يغش بالآخر ، فكانا كنوعي الجنس [ ص: 38 ]

                                                                                                                                            ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { بيعوا البر بالشعير كيف شئتم يدا بيد } . وفي لفظ : { لا بأس ببيع البر بالشعير ، والشعير أكثرهما ، يدا بيد ، وأما نسيئة فلا } ، وفي لفظ : { فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم } . وهذا صريح صحيح ، لا يجوز تركه بغير معارض مثله ، ولأنهما لم يشتركا في الاسم الخاص ، فلم يكونا جنسا واحدا ، كالتمر ، والحنطة ، ولأنهما مسميان في الأصناف الستة ، فكانا جنسين ، كسائرها . وحديث معمر لا بد فيه من إضمار الجنس ، بدليل سائر أجناس الطعام ، ويحتمل أنه أراد الطعام المعهود عندهم ، وهو الشعير ، فإنه قال في الخبر : وكان طعامنا يومئذ الشعير ، ثم لو كان عاما لوجب تقديم الخاص الصريح عليه ، وفعل معمر وقوله لا يعارض به قول النبي صلى الله عليه وسلم وقياسهم ينتقض بالذهب والفضة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية