الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2838 ) فصل : وإن باع ما فيه الربا بغير جنسه ، ومعه من جنس ما بيع به ، إلا أنه غير مقصود ، كدار مموه سقفها بالذهب ، جاز . لا أعلم فيه خلافا . وكذلك لو باع دارا بدار مموه سقف كل واحدة منها بذهب أو فضة ، جاز ; لأن ما فيه الربا غير مقصود بالبيع . فوجوده كعدمه .

                                                                                                                                            وكذلك لو اشترى عبدا له مال ، فاشترط ماله وهو من جنس الثمن ، جاز إذا كان المال غير مقصود ، ولو اشترى عبدا بعبد ، واشترط كل واحد منهما مال العبد الذي اشتراه ، جاز إذا لم يكن ماله مقصودا ; لأنه غير مقصود بالبيع ، فأشبه التمويه في السقف ، ولذلك لا تشترط رؤيته في صحة البيع ولا لزومه ، وإن باع شاة ذات لبن بلبن ، أو عليها صوف بصوف ، أو باع لبونا بلبون ، وذات [ ص: 46 ] صوف بمثلها ، ففيه وجهان ; أحدهما ، الجواز ، اختاره ابن حامد ، وهو قول أبي حنيفة ، وسواء كانت الشاة حية أو مذكاة ; لأن ما فيه الربا غير مقصود ، فلم يمنع ، كالدار المموه سقفها . الثاني ، المنع ، وهو مذهب الشافعي ; لأنه باع مال الربا بأصله الذي فيه منه ، أشبه الحيوان باللحم ، والفرق بينهما ، أن اللحم في الحيوان مقصود بخلاف اللبن ، ولو كانت الشاة محلوبة اللبن ، جاز بيعها بمثلها وباللبن وجها واحدا ; لأن اللبن لا أثر له ، ولا يقابله شيء من الثمن ، فأشبه الملح في الشيرج والخبز والجبن ، وحبات الشعير في الحنطة ، ولا نعلم فيه أيضا خلافا ، وكذلك لو كان اللبن المنفرد من غير جنس لبن الشاة ، جاز بكل حال .

                                                                                                                                            ولو باع نخلة عليها تمر بتمر ، أو بنخلة عليها تمر ، ففيه أيضا وجهان ; أحدهما ، الجواز . اختاره أبو بكر ; لأن التمر غير مقصود بالبيع . والثاني ، لا يجوز . ووجه الوجهين ما ذكرناه في المسألة قبلها . واختار القاضي أنه لا يجوز ، وفرق بينهما وبين الشاة ذات اللبن ، بكون الثمرة يصح إفرادها بالبيع وهي معلومة ، بخلاف اللبن في الشاة ، وهذا الفرق غير مؤثر ، فإن ما يمنع إذا جاز إفراده يمنع ، وإن لم يجز إفراده ، كالسيف المحلى يباع بجنس حليته ، وما لا يمنع لا يمنع ، وإن جاز إفراده ، كمال العبد .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية