الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 369 ) مسألة : قال : ( وإذا كان به قرح أو مرض مخوف ، وأجنب ، فخشي على نفسه إن أصابه الماء ، غسل الصحيح من جسده ، وتيمم لما لم يصبه الماء ) هذه المسألة دالة على أحكام منها : إباحة التيمم للجنب ، وهو قول جمهور العلماء منهم : علي ، وابن عباس ، وعمرو بن العاص ، وأبو موسى ، وعمار ، وبه قال الثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وكان ابن مسعود لا يرى التيمم للجنب ، ونحوه عن عمر ، رضي الله عنهما ، وروى البخاري عن شقيق بن سلمة ، أن أبا موسى ناظر ابن مسعود في ذلك ، واحتج عليه بحديث عمار ، وبالآية التي في المائدة ، قال : فما درى عبد الله ما يقول ، فقال : إنا لو رخصنا لهم في هذا لأوشك إذا برد على أحدهم الماء أن يدعه ويتيمم . وقال الترمذي : ويروى عن ابن مسعود أنه رجع عن قوله .

                                                                                                                                            ومما يدل على إباحة التيمم للجنب : ما روى عمران بن حصين { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم ، فقال : يا فلان ، ما منعك أن تصلي مع القوم ؟ . فقال : أصابتني جنابة ، ولا ماء . قال : عليك بالصعيد ، فإنه يكفيك } . متفق عليه . وحديث أبي ذر ، وعمرو بن العاص ، وحديث جابر في الذي أصابته الشجة ; لأنه حدث فيجوز له التيمم ، كالحدث الأصغر ،

                                                                                                                                            ومنها أن الجريح والمريض إذا خاف على نفسه من استعمال الماء ، جاز له التيمم ، هذا قول أكثر أهل العلم ; منهم ابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وطاوس ، والنخعي ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي . ولم يرخص له عطاء في التيمم إلا عند عدم الماء ; لظاهر الآية ، ونحوه عن الحسن في المجدور الجنب ، قال : لا بد من الغسل ولنا قول الله تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم } . وحديث عمرو بن العاص حين تيمم من خوف البرد ، وحديث ابن عباس ، وجابر في الذي أصابته الشجة ; ولأنه يباح له التيمم إذا خاف العطش ، أو خاف من سبع ، فكذلك هاهنا ، فإن الخوف لا يختلف ، وإنما اختلفت جهاته .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية