الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3518 ) فصل : ولو صالح شاهدا على أن لا يشهد عليه ، لم يصح لأنه لا يخلو من ثلاثة أحوال : أحدها ، أن يصالحه على أن لا يشهد عليه بحق تلزم الشهادة به ، كدين آدمي ، أو حق لله تعالى لا يسقط بالشبهة ، كالزكاة ونحوها ، فلا يجوز كتمانه ، ولا يجوز أخذ العوض عن ذلك ، كما لا يجوز أخذ العوض على شرب الخمر وترك الصلاة . الثاني ، أن يصالحه على أن لا يشهد عليه بالزور . فهذا يجب عليه ترك ذلك ، ويحرم عليه فعله ، فلا يجوز أخذ العوض عنه ، كما لا يجوز أن يصالحه على أن لا يقتله ولا يغصب ماله . الثالث ، أن يصالحه على أن لا يشهد عليه بما يوجب حدا ، كالزنا والسرقة ، فلا يجوز أخذ العوض عنه ; لأن ذلك ليس بحق له ، فلم يجز له أخذ عوضه ، كسائر ما ليس بحق له .

                                                                                                                                            ولو صالح السارق والزاني والشارب بمال ، على أن لا يرفعه إلى السلطان ، لم يصح الصلح لذلك ، ولم يجز له أخذ العوض . وإن صالحه عن حد القذف ، لم يصح الصلح ; لأنه إن كان لله تعالى ، لم يكن له أن يأخذ عوضه ، لكونه ليس بحق له ، فأشبه حد الزنى والسرقة ، وإن كان حقا له ، لم يجز الاعتياض عنه ، لكونه حقا ليس بمالي ، ولهذا لا يسقط إلى بدل ، بخلاف القصاص ، ولأنه شرع لتنزيه العرض ، فلا يجوز أن يعتاض عن عرضه بمال .

                                                                                                                                            وهل يسقط الحد بالصلح ؟ فيه وجهان ، مبنيان على الخلاف في كونه حقا لله تعالى ، أو حقا لآدمي ; فإن كان حقا لله تعالى ، لم يسقط بصلح الآدمي ولا إسقاطه ، كحد الزنى [ ص: 322 ] والسرقة ، وإن كان حقا لآدمي سقط بصلحه وإسقاطه ، مثل القصاص . وإن صالح عن حق الشفعة ، لم يصح الصلح ; لأنه حق شرع على خلاف الأصل لدفع ضرر الشركة ، فإذا رضي بالتزام الضرر ، سقط الحق من غير بدل ، كحد القذف ، إلا أنه يسقط هاهنا وجها واحدا ; لكونه حقا لآدمي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية