الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 287 ] فصل : إذا دفع إلى رجل ثوبا ، وقال : بعه بكذا ، فما ازددت فهو لك . صح ، نص عليه أحمد ، في رواية أحمد بن سعيد . وروي ذلك عن ابن عباس . وبه قال ابن سيرين ، وإسحاق . وكرهه النخعي ، وحماد ، وأبو حنيفة ، والثوري ، والشافعي ، وابن المنذر ; لأنه أجر مجهول ، يحتمل الوجود والعدم . ولنا ما روى عطاء ، عن ابن عباس ، أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل الرجل الثوب أو غير ذلك ، فيقول : بعه بكذا وكذا ، فما ازددت فهو لك

                                                                                                                                            ولا يعرف له في عصره مخالف . ولأنها عين تنمى بالعمل فيها ، أشبه دفع مال المضاربة . إذا ثبت هذا ، فإن باعه بزيادة ، فهي له ; لأنه جعلها أجرة ، وإن باعه بالقدر المسمى من غير زيادة ، فلا شيء له ; لأنه جعل له الزيادة ، ولا زيادة هاهنا ، فهو كالمضارب إذا لم يربح . وإن باعه بنقص عنه ، لم يصح البيع ; لأنه وكيل مخالف . وإن تعذر رده ، ضمن النقص . وقد قال أحمد : يضمن النقصان مطلقا . وهذا قد مضى مثله في الوكالة

                                                                                                                                            وإن باعه نسيئة ، لم يصح البيع ; لأن إطلاق البيع يقتضي النقد ، لما في النسيئة من ضرر التأخير والخطر بالمال ، ليحصل له نفع الربح . ويفارق المضارب على رواية ، حيث يجوز له البيع نساء ; لأنه يحصل لرب المال نفع بما يحصل من الربح في مقابلة ضرره بالنسيئة ، وها هنا لا فائدة لرب المال في الربح بحال ، ولأن مقصود المضاربة تحصيل الربح ، وهو في النسيئة أكثر ، وها هنا ليس مقصود رب المال الربح ، ولا حظ له فيه ، فلا فائدة له في النسيئة

                                                                                                                                            وقال أحمد ، في رواية الأثرم : ليس له شيء . يعني إذا زاد على العشرة ; لأن الإطلاق إنما اقتضى بيعها حالا ، فإذا باع نسيئة ، فلم يمتثل الأمر ، فلم يستحق شيئا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية