الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4389 ) فصل : فإن كان له ثلاثة بنين فقال : وقفت على ولدي فلان وفلان ، وعلى ولد ولدي . كان الوقف على الابنين المسميين ، وعلى أولادهما ، وأولاد الثالث ، وليس للثالث شيء . وقال القاضي : يدخل الثالث في الوقف . وذكر أن أحمد قال في رجل قال : وقفت هذه الضيعة ، على ولدي فلان وفلان ، وعلى ولد ولدي . وله ولد غير هؤلاء ، قال : يشتركون في الوقف . واحتج القاضي بأن قوله : ولدي . يستغرق الجنس ، فيعم الجميع ، وقوله : فلان وفلان .

                                                                                                                                            تأكيد لبعضهم ، فلا يوجب إخراج بقيتهم ، كالعطف في قوله تعالى : { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال } . ولنا أنه أبدل بعض الولد من اللفظ المتناول للجميع ، فاختص بالبعض المبدل ، كما لو قال : على ولدي فلان . وذلك لأن بدل البعض يوجب اختصاص الحكم به ، كقول الله تعالى : { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا }

                                                                                                                                            لما خص المستطيع بالذكر ، اختص الوجوب به . ولو قال : ضربت زيدا رأسه . ورأيت زيدا وجهه . اختص [ ص: 358 ] الضرب بالرأس ، والرؤية بالوجه . ومنه قول الله تعالى : { ويجعل الخبيث بعضه على بعض } . وقول القائل : طرحت الثياب بعضها فوق بعض . فإن الفوقية تختص بالبعض مع عموم اللفظ الأول

                                                                                                                                            كذا هاهنا . وفارق العطف ، فإن عطف الخاص على العام يقتضي تأكيده ، لا تخصيصه . وقول أحمد : هم شركاء . يحتمل أن يعود إلى أولاد أولاده ، أي يشترك أولاد الموقوف عليهما وأولاد غيرهم ; لعموم لفظ الواقف فيهم ، ويتعين حمل كلامه عليه ، لقيام الدليل عليه . ولو قال : على ولدي فلان وفلان ، ثم على المساكين . خرج فيه من الخلاف مثل ما ذكرنا .

                                                                                                                                            ويحتمل على قول القاضي أن يدخل في الوقف ولد ولده ; لأننا قد ذكرنا من قبل أن ظاهر كلام أحمد أن قوله : وقفت على ولدي . يتناول نسله وعاقبته كلها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية