الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 474 ) فصل : وإن كانت التي استمر بها الدم مميزة ، على ما ذكرناه فيما مضى جلست بالتمييز فيما بعد الأشهر الثلاثة ، وتجلس في الثلاثة اليقين يوما وليلة ، إلا أن نقول : العادة تثبت بمرتين ، فإنها تعود إلى التمييز في الشهر الثالث ، ويعمل به . وقال ابن عقيل : وعن أحمد أنها ترد إلى التمييز في الشهر الثاني ، ولا يعتبر التكرار ، فإنه قال : إذا بدأ بها الحيض ، ولم ينقطع عنها الدم ، ولم تعرف أيامها قعدت إقبال الدم إذا أقبل سواده وغلظه وريحه ، فإذا أدبر وصفا وذهب ريحه صلت وصامت ، وذلك لأنها مستحاضة مميزة ، فترد إلى تمييزها ، كما في الشهر الرابع ، ولا يعتبر التكرار في التمييز بعد أن تعلم كونها مستحاضة ، على ما نصرناه .

                                                                                                                                            وقال القاضي : لا تجلس منه إلا ما تكرر . فعلى هذا إذا رأت في كل شهر خمسة أحمر ثم خمسة أسود ، ثم أحمر واتصل ، جلست زمان الأسود ، فكان حيضها ، والباقي استحاضة . وهل تجلس زمان الأسود في الشهر الثاني أو الثالث أو الرابع ؟ يخرج ذلك على الروايات الثلاث . ولو رأت عشرة أحمر ، ثم خمسة أسود ، ثم أحمر واتصل ، فالحكم فيها كالتي قبلها ، فإن اتصل الأسود ، وعبر أكثر الحيض ، فليس لها تمييز ، ونحيضها من الأسود ; لأنه أشبه بدم الحيض . ولو رأت أقل من يوم دما أسود ، فلا تمييز لها ; لأن الأسود لا يصلح أن يكون حيضا ، لقلته عن أقل الحيض .

                                                                                                                                            وإن رأت في الشهر الأول أحمر كله ، وفي الثاني والثالث والرابع خمسة أسود ، ثم أحمر واتصل ، وفي الخامس كله أحمر ، فإنها تجلس في الأشهر الثلاثة اليقين ، وفي الرابع أيام الدم الأسود ، وفي الخامس تجلس خمسة أيضا ; لأنها قد [ ص: 202 ] صارت معتادة . وقال القاضي : لا تجلس من الرابع إلا اليقين ، إلا أن نقول بثبوت العادة بمرتين .

                                                                                                                                            وهذا فيه نظر ; فإن أكثر ما يقدر فيها أنها لا عادة لها ولا تمييز ، ولو كانت كذلك ، لجلست ستا أو سبعا ، في أصح الروايات ، فكذا هاهنا ومن لم يعتبر التكرار في التمييز فهذه مميزة ، ومن قال إن المميزة تجلس بالتمييز في الشهر الثاني ، قال إنها تجلس الدم الأسود في الشهر الثالث ; لأنها لا تعلم أنها مميزة قبله ، ولو رأت في شهر خمسة أسود ، ثم صار أحمر واتصل ، وفي الثاني كذلك ، وفي الثالث كله أحمر ، والرابع رأت خمسة أحمر ، ثم صار أسود واتصل ، جلست اليقين من الأشهر الثلاثة ، والرابع لا تمييز لها فيه ، فتصير فيه إلى ستة أيام أو سبعة ، في أشهر الروايات ، إلا أن نقول العادة تثبت بمرتين ، فتجلس من الثالث والرابع خمسة خمسة .

                                                                                                                                            وقال القاضي : لا تجلس في الأشهر الأربعة إلا اليقين ، وهذا بعيد ; لما ذكرناه . ولو كانت رأت في الرابع خمسة أسود ، والباقي كله أحمر ، صار عادة بذلك .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية