الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 142 ] مسألة ; قال : ( وإذا أوصى إلى رجل ، ثم أوصى بعده إلى آخر ، فهما وصيان ، إلا أن يقول : قد أخرجت الأول ) معنى أوصى إلى رجل . أي جعل له التصرف بعد موته ، فيما كان له التصرف فيه ، من قضاء ديونه ، واقتضائها ، ورد الودائع ، واستردادها ، وتفريق وصيته ، والولاية على أولاده الذين له الولاية عليهم من الصبيان والمجانين ومن لم يؤنس رشده ، والنظر لهم في أموالهم بحفظها ، والتصرف فيها بما لهم الحظ فيه . فأما من لا ولاية له عليهم ، كالعقلاء الراشدين ، وغير أولاده من الإخوة والأعمام وسائر من عدا الأولاد ، فلا تصح الوصية عليهم ; لأنه لا ولاية للموصي عليهم في الحياة ، فلا يكون ذلك لنائبه بعد الممات . ولا نعلم في هذا كله خلافا . وبه يقول مالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، إلا أن أبا حنيفة والشافعي قالا : للجد ولاية على ابن ابنه وإن سفل ; لأن له ولادة وتعصيبا ، فأشبه الأب . ولأصحاب الشافعي في الأم عند عدم الأب والجد وجهان ; أحدهما ، أن لها ولاية ; لأنها أحد الأبوين ، فأشبهت الأب . ولنا ، أن الجد يدلي بواسطة ، فأشبه الأخ والعم وفارق الأب ، فإنه يدلي بنفسه ، ويحجب الجد ، ويخالفه في ميراثه وحجبه ، فلا يصح إلحاقه به ، ولا قياسه عليه . وأما المرأة فلا تلي ; لأنها قاصرة لا تلي النكاح بحال ، فلا تلي مال غيرها ، كالعبد ، ولأنها لا تلي بولاية القضاء ، فكذلك بالنسب . إذا ثبت هذا ، فإنه إذا أوصى إلى رجل ، ثم أوصى إلى آخر ، فهما وصيان ، إلا أن يقول : قد أخرجت الأول أو قد عزلته ; لما ذكرنا فيما إذا أوصى بجارية لبشر ، ثم أوصى بها لبكر . ولأنه قد وجدت الوصية إليهما من غير عزل واحد منهما ، فكانا وصيين ، كما لو أوصى إليهما دفعة واحدة . فأما إن أخرج الأول انعزل ، وكان الثاني هو الوصي ، كما لو عزله بعد الوصية إلى الثاني .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية