الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4977 ) فصل : فأما النكاح الفاسد ، فلا يثبت به التوارث بين الزوجين ; لأنه ليس بنكاح شرعي . وإذا اشتبه من نكاحها فاسد بمن نكاحها صحيح ، فالمنقول عن أحمد ، أنه قال في من تزوج أختين ، لا يدري أيتهما تزوج أول : فإنه يفرق بينهما . وتوقف عن أن يقول في الصداق شيئا . قال أبو بكر : يتوجه على قوله أن يقرع بينهما

                                                                                                                                            فعلى هذا الوجه يقرع بينهما في الميراث إذا مات عنهما . وعن النخعي ، والشعبي ، ما يدل على أن المهر والميراث يقسم بينهن على حسب الدعاوى والتنزيل ، كميراث الخناثى . وهو قول أبي حنيفة وأصحابه . وقال الشافعي رضي الله عنه : يوقف المشكوك فيه من ذلك حتى يصطلحن عليه ، أو يتبين الأمر . فلو تزوج امرأة في عقد ، وأربعا في عقد ، ثم مات ، وخلف أخا ، ولم يعلم أي العقدين سبق ، ففي قول أبي حنيفة ، كل واحدة تدعي مهرا كاملا ينكره الأخ ، فتعطى كل واحدة نصف مهر ، ويؤخذ ربع الباقي تدعيه الواحدة والأربع ، فيقسم للواحدة نصفه ، وللأربع نصفه

                                                                                                                                            وعند الشافعي رضي الله عنه أكثر ما يجب عليه أربعة مهور فيأخذ ذلك ، يوقف منها مهر بين النساء الخمس ، ويبقى ثلاثة تدعي الواحدة ربعها ميراثا ، ويدعي الأخ ثلاثة أرباعها ، فيوقف منها ثلاثة أرباع مهر بين النساء الخمس ، وباقيها وهو مهران وربع بين الأربع وبين الأخ ، ثم يؤخذ ربع ما بقي ، فيوقف بين النساء الخمس ، والباقي للأخ . وإن تزوج امرأة في عقد واثنتين في عقد ، وثلاثا في عقد ، ولم يعلم السابق ، فالواحدة نكاحها صحيح ، فلها مهرها ، ويبقى الشك في الخمس ، فعلى قول أهل العراق لهن مهران بيقين ، والثالث لهن في حال دون حال .

                                                                                                                                            فيكون لهن نصفه ، ثم يقسم ذلك بينهن لكل واحدة نصف مهر ، ثم يؤخذ ربع الباقي لهن ميراثا ، فللواحدة ربعه يقينا ، وتدعي نصف سدسه ، فتعطى نصفه ، فيصير لها من الربع سدسه وثمنه ، وذلك سبعة من أربعة وعشرين ، والاثنتان تدعيان ثلثيه ، وهو ستة عشر سهما ، فيعطين نصفه ، وهو ثمانية أسهم ، والثلاث يدعين ثلاثة أرباعه ، وهو ثمانية عشر سهما ، فيعطين تسعه . هذا قول محمد بن الحسن وعلى قول أبي حنيفة وأبي يوسف ، تقسم السبعة عشر بين الثلاث والاثنتين نصفين .

                                                                                                                                            فيصير الربع من ثمانية وأربعين سهما ، ثم تضرب الاثنين في الثلاث ، ثم في الثمانية والأربعين ، تكن مائتين وثمانية وثمانين ، فهذا ربع المال .

                                                                                                                                            وعند الشافعي رضي الله عنه تعطى الواحدة مهرها ، ويوقف ثلاثة مهور ; مهران ; منها بين الخمس ، ومهر تدعيه الواحدة ، والاثنتان ربعه ميراثا ، وتدعيه الثلاث مهرا وثلاثة أرباعه تدعيه الأخرى ميراثا وتدعيه الثلاث مهرا ، ويؤخذ ربع ما بقي فيدفع ربعه إلى الواحدة ، ونصف سدسه بين الواحدة والثلاث موقوف ، وثلثاه بين الثلاث والاثنتين موقوف ، فإن طلبت واحدة من الخمس شيئا من الميراث الموقوف ، لم يدفع إليها شيء ، وكذلك إن طلبه أحد الفريقين ، لم يدفع إليه شيء . وإن طلبت واحدة من الثلاث ، وواحدة من الاثنتين ، دفع إليهما ربع الميراث .

                                                                                                                                            وإن طلبته واحدة من الاثنتين ، واثنتان من الثلاث ، أو الثلاث كلهن ، دفع إليهن ثلثه . وإن عين الزوج المنكوحات أولا ، قبل تعيينه وثبت . وإن وطئ واحدة منهن ، لم يكن ذلك [ ص: 267 ] تعيينا لها . وهذا قول الشافعي رضي الله عنه . وللموطوءة الأقل من المسمى أو مهر المثل ، فيكون الفضل بينهما موقوفا . وعلى قول أهل العراق ، يكون تعيينا ، فإن كانت الموطوءة من الاثنتين ، صح نكاحها ، وبطل نكاح الثلاث ، وإن كانت من الثلاث ، بطل نكاح الاثنتين .

                                                                                                                                            وإن وطئ واحدة من الاثنتين ، وواحدة من الثلاث ، صح نكاح الفريق المبدوء بوطء واحدة منه ، وللموطوءة التي لم يصح نكاحها مهر مثلها فإن أشكل أيضا ، أخذ منه اليقين ، وهو مهران مسميان ومهر مثل ، ويبقى مهر مسمى تدعيه النسوة ، وينكره الأخ ، فيقسم بينهما ، فيحصل للنسوة مهر مثل ومسميان ونصف ، منها مهر مسمى ، ومهر مثل يقسم بين الموطوءتين نصفين ، ويبقى مسمى ونصف بين الثلاث الباقيات ، لكل واحدة نصف مسمى ، والميراث على ما تقدم

                                                                                                                                            وعند الشافعي ، لا حكم للوطء في التعيين ، وهل يقوم تعيين الوارث مقام تعيين الزوج ؟ فيه قولان . فعلى قوله ، يؤخذ مسمى ومهر مثل للموطوءتين ، تعطى كل واحدة الأقل من المسمى أو مهر المثل ، ويقف الفضل بينهما ، ويبقى مسميان ونصف ، يقف أحدهما بين الثلاث اللاتي لم يوطأن ، وآخر بين الثلاث والاثنتين ، والميراث على ما تقدم . وحكي عن الشعبي والنخعي ، في من له أربع نسوة أبت طلاق إحداهن ، ثم نكح خامسة ، ومات ولم يدر أيتهن طلق ، فللخامسة ربع الميراث ، وللأربع ثلاثة أرباعه بينهن

                                                                                                                                            وهذا مذهب أبي حنيفة إذا كان نكاح الخامسة بعد انقضاء عدة المطلقة . ولو أنه قال بعد نكاح الخامسة : إحدى نسائي طالق . ثم نكح سادسة ، ثم مات قبل أن يبين ، فللسادسة ربع الميراث ، وللخامسة ربع ثلاثة أرباع الباقي ، وما بقي بين الأربع الأول أرباعا . وفي قول الشافعي رضي الله عنه ما أشكل من ذلك موقوف على ما تقدم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية