الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5360 ) فصل : فأما المباشرة فيما دون الفرج ، فإن كانت لغير شهوة ، لم تنشر الحرمة . بغير خلاف نعلمه . وإن كانت لشهوة ، وكانت في أجنبية ، لم تنشر الحرمة أيضا . قال الجوزجاني : سألت أحمد عن رجل نظر إلى أم امرأته في شهوة ، أو قبلها ، أو باشرها . فقال : أنا أقول لا يحرمه شيء من ذلك إلا الجماع . وكذلك نقل أحمد بن القاسم ، وإسحاق بن منصور . وإن كانت المباشرة لامرأة محللة له ، كامرأته ، أو مملوكته ، لم تحرم عليه ابنتها .

                                                                                                                                            قال ابن عباس : لا يحرم الربيبة إلا جماع أمها . وبه قال طاوس ، وعمرو بن دينار ; لأن الله تعالى قال { فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم } . وهذا ليس بدخول فلا يجوز ترك النص الصريح من أجله . وأما تحريم أمها ، وتحريمها على أبي المباشر لها وابنه ; فإنها في النكاح تحرم بمجرد العقد قبل المباشرة ، فلا يظهر للمباشرة أثر . وأما الأمة ، فمتى باشرها دون الفرج لشهوة ، فهل يثبت تحريم المصاهرة ؟ فيه روايتان ; إحداهما ، ينشرها .

                                                                                                                                            روي ذلك عن ابن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، ومسروق . وبه قال القاسم بن محمد ، والحسن ، ومكحول ، والنخعي ، والشعبي ، ومالك ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وعلي بن المديني . وهو أحد قولي الشافعي ; لأنه نوع استمتاع ، فتعلق به تحريم المصاهرة ، كالوطء في الفرج ، ولأنه تلذذ بمباشرة ، فيتعلق به التحريم كما لو وطئ .

                                                                                                                                            والثانية ، لا يثبت به التحريم ; لأنها ملامسة لا توجب الغسل ، فلم يثبت بها التحريم ، كما لو لم يكن لشهوة ، ولأن ثبوت التحريم إما أن يكون بنص ، أو قياس على المنصوص ، ولا نص في هذا ، ولا هو في معنى [ ص: 93 ] المنصوص عليه ، ولا المجمع عليه ، فإن الوطء يتعلق به من الأحكام استقرار المهر ، والإحصان ، والاغتسال ، والعدة ، وإفساد الإحرام ، والصيام ، بخلاف اللمس . وذكر أصحابنا الروايتين في جميع الصور من غير تفصيل ، وهذا الذي ذكرناه أقرب إلى الصواب ، إن شاء الله سبحانه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية