الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5710 ) فصل والوطء واجب على الرجل ، إذا لم يكن له عذر . وبه قال مالك . وعلى قول القاضي : لا يجب إلا أن يتركه للإضرار . وقال الشافعي لا يجب عليه ; لأنه حق له فلا يجب عليه ، كسائر حقوقه . ولنا ، ما تقدم في الفصل الذي قبله ، وفي بعض روايات حديث كعب أنه حين قضى بين الرجل وامرأته ، قال :

                                                                                                                                            إن لها عليك حقا يا بعل تصيبها في أربع لمن عدل     فأعطها ذاك ودع عنك العلل

                                                                                                                                            ، فاستحسن عمر قضاءه ، ورضيه .

                                                                                                                                            ولأنه حق واجب بالاتفاق ، وإذا حلف على تركه ، فيجب قبل أن يحلف ، كسائر الحقوق الواجبة ، يحقق هذا أنه لو لم يكن واجبا ، لم يصر باليمين على تركه واجبا ، كسائر ما لا يجب ، ولأن النكاح شرع لمصلحة الزوجين ، ودفع الضرر عنهما ، وهو مفض إلى دفع ضرر الشهوة عن المرأة كإفضائه إلى دفع ذلك عن الرجل ، فيجب تعليله بذلك ، ويكون النكاح حقا لهما جميعا ، ولأنه لو لم يكن لها فيه حق ، لما وجب استئذانها في العزل ، كالأمة .

                                                                                                                                            إذا ثبت وجوبه ، فهو مقدر بأربعة أشهر . نص عليه أحمد ووجهه إن الله تعالى قدره بأربعة أشهر في حق المولي ، فكذلك في حق غيره ; لأن اليمين لا توجب ما حلف على تركه ، فيدل على أنه واجب بدونها . فإن أصر على ترك الوطء ، وطالبت المرأة ، فقد روى ابن منصور ، عن أحمد في رجل تزوج امرأة ، ولم يدخل بها ، يقول : غدا [ ص: 232 ] أدخل بها ، إلى شهر ، هل يجبر على الدخول ؟ فقال : أذهب إلى أربعة أشهر ، إن دخل بها ، وإلا فرق بينهما . فجعله أحمد كالمولي .

                                                                                                                                            وقال أبو بكر بن جعفر : لم يرو مسألة ابن منصور غيره ، وفيها نظر ، وظاهر قول أصحابنا أنه لا يفرق بينهما لذلك ، وهو قول أكثر الفقهاء ; لأنه لو ضرب له المدة لذلك ، وفرق بينهم ، لم يكن للإيلاء أثر ، ولا خلاف في اعتباره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية