الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 5772 ) مسألة ; قال : ( ولو خالعها على ثوب ، فخرج معيبا ، فهو مخير بين أن يأخذ أرش العيب ، أو قيمة الثوب ويرده ) وجملة ذلك أن الخلع يستحق فيه رد عوضه بالعيب ، أو أخذ الأرش ; لأنه عوض في معاوضة ، فيستحق فيه ذلك ، كالبيع والصداق . ولا يخلو إما أن يكون على معين ، مثل أن تقول : اخلعني على هذا الثوب . فيقول : خلعتك . ثم يجد به عيبا لم يكن علم به ، فهو مخير بين رده وأخذ قيمته ، وبين أخذ أرشه وإن قال : إن أعطيتني هذا الثوب فأنت طالق . فأعطته إياه ، طلقت ، وملكه . قال أصحابنا : والحكم فيه كما لو خالعها عليه . وهذا مذهب الشافعي ، إلا أنه لم يجعل له المطالبة بالأرش مع إمكان رده . وهذا أصل ذكرناه في البيع . وله أيضا قول : إنه إذا رده رجع بمهر المثل . وهذا الأصل ذكر في الصداق .

                                                                                                                                            وإن خالعها على ثوب موصوف في الذمة ، واستقصى صفات السلم ، صح ، وعليها أن تعطيه إياه سليما ; لأن إطلاق ذلك يقتضي السلامة ، كما في البيع والصداق . فإن دفعته إليه معيبا ، أو ناقصا عن الصفات المذكورة ، فله الخيار بين إمساكه ، أو رده والمطالبة بثوب سليم على تلك الصفة ; لأنه إنما وجب في الذمة سليما تام الصفات ، فيرجع بما وجب له ، لأنها ما أعطته الذي وجب له عليها ، وإن قال : إن أعطيتني ثوبا صفته كذا وكذا . فأعطته ثوبا على تلك الصفات ، طلقت ، وملكه . وإن أعطته ناقصا صفة ، لم يقع الطلاق ، ولم يملكه ; لأنه ما وجد الشرط . فإن كان على الصفة ، لكن به عيب ، وقع الطلاق لوجود شرطه . قال القاضي : ويتخير بين إمساكه ، ورده والرجوع بقيمته . وهذا قول الشافعي ، إلا أن له قولا ، أنه يرجع بمهر المثل ، على ما ذكرنا .

                                                                                                                                            وعلى ما قلنا نحن فيما تقدم : أنه إذا قال : إذا أعطيتني ثوبا ، أو عبدا ، أو هذا الثوب ، أو هذا العبد . فأعطته إياه معيبا ، طلقت ، وليس له شيء سواه . وقد نص أحمد على من قال : إن أعطيتني هذا الألف ، فأنت طالق فأعطته إياه ، فوجده معيبا ، فليس له البدل . وقال أيضا : إذا قال : إن أعطيتني عبدا فأنت طالق . فإذا أعطته عبدا ، فهي طالق ، ويملكه . وهذا يدل على أن كل موضع قال : إن أعطيتني كذا . فأعطته إياه ، فليس له غيره ; وذلك لأن الإنسان لا يلزمه في ذمته شيء إلا بإلزام ، أو التزام ، ولم يرد الشرع بإلزامها هذا ، ولا هي التزمته له ، وإنما علق طلاقها على شرط ، وهو عطيتها له ذلك ، فلا يلزمها شيء سواه ، ولأنها لم تدخل معه في معاوضة ، وإنما حققت شرط الطلاق ، فأشبه ما لو قال : إن دخلت الدار فأنت طالق . فدخلت أو ما لو قال : إن أعطيت أباك عبدا فأنت طالق . فأعطته إياه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية