الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6354 ) فصل : ومتى اختار الأول تركها ، فإنه يرجع على الثاني بصداقها ; لقضاء الصحابة بذلك ، ولأنه حال بينه وبينها بعقده عليها ، ودخوله بها . واختلف عن أحمد فيما يرجع به ; فروي عنه ، أنه يرجع بالصداق الذي أصدقها هو . وهو اختيار أبي بكر وقول الحسن ، والزهري ، وقتادة ، وعلي بن المديني ، لقضاء علي وعثمان أنه يخير بينها وبين الصداق الذي ساق هو ، ولأنه أتلف عليه المعوض ، فرجع عليه بالعوض ، كشهود الطلاق إذا رجعوا عن الشهادة . فعلى هذا ، إن كان لم يدفع إليها الصداق ، لم يرجع بشيء ، وإن كان قد دفع بعضه ، رجع بما دفع . ويحتمل أن يرجع عليه بالصداق ، وترجع المرأة بما بقي عليه من صداقها .

                                                                                                                                            وعن أحمد أنه يرجع عليه بالمهر الذي أصدقها الثاني ; لأن إتلاف البضع من جهته ، والرجوع عليه بقيمته ، والبضع لا يتقوم إلا على زوج أو من جرى مجراه ، فيجب الرجوع عليه بالمسمى الثاني دون الأول ; وهل يرجع الزوج الثاني على الزوجة بما أخذ منه ؟ فيه روايتان . ذكر ذلك أبو عبد الله بن حامد : إحداهما ، يرجع به ; لأنها غرامة لزمت الزوج بسبب وطئه لها ، فرجع بها ، كالمغرور . والثانية لا يرجع بها . وهو أظهر ; لأن الصحابة لم يقضوا بالرجوع ، فإن سعيد بن المسيب روى ، أن عمر وعثمان قضيا في المرأة التي لا تدري ما مهلك زوجها ، أن تربص أربع سنين ، ثم تعتد عدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا ، ثم تزوج إن بدا لها ، فإن جاء زوجها خير ; إما امرأته ، وإما الصداق ، فإن اختار الصداق ، فالصداق على زوجها الآخر ، وتثبت عنده ، وإن اختار امرأته ، عزلت عن زوجها الآخر حتى تنقضي عدتها ، وإن قدم زوجها وقد توفي زوجها الآخر ، ورثت ، واعتدت عدة المتوفى عنها ، وترجع إلى الأول . رواه الجوزجاني .

                                                                                                                                            ولأن المرأة لا تغرير منها ، فلم يرجع عليها بشيء ، كغيرها . فإن قلنا : يرجع عليها . فإن كان قد دفع إليها الصداق ، رجع به ، وإن كان لم يدفعه إليها ، دفعه إلى الأول ، ولم يرجع عليها بشيء ، وإن كان قد دفع بعضه ، رجع بما دفع . وإن قلنا : لا يرجع عليها . وكان قد دفع إليها الصداق ، لم يرجع به ، وإن لم يكن دفعه إليها ، لزمه دفعه ويدفع إلى الأول صداقا آخر .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية