الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6441 ) مسألة ; قال : ( ولو تزوج بكبيرة وصغيرتين ، فأرضعت الكبيرة الصغيرتين ، حرمت عليه الكبيرة ، وانفسخ نكاح الصغيرتين ، ولا مهر عليه للكبيرة ، ويرجع عليها بنصف صداق الصغيرتين ، وله أن ينكح من شاء منهما ) أما تحريم الكبيرة فلأنها صارت من أمهات النساء ، وأما انفساخ نكاح الصغيرتين ، فلأنهما صارتا أختين ، واجتمعتا في الزوجية ، فينفسخ نكاحهما ، كما لو ارتضعتا معا ، ولا مهر للكبيرة ; لأن الفساد جاء من قبلها ، ويرجع عليها بنصف صداق الصغيرتين ; لأنها أفسدت نكاحهما ، وله أن ينكح من شاء منهما ; لأن انفساخ نكاحهما للجمع ، ولا يوجب تحريما مؤبدا . وهذا على الرواية التي قلنا : إنها إذا أرضعت الصغيرة ، اختص الفسخ بالكبيرة .

                                                                                                                                            فأما على الرواية التي تقول : ينفسخ نكاحهما معا . فإنه يثبت نكاح الأخيرة من الصغيرتين ; لأن الكبيرة لما أرضعت الأولى ، انفسخ نكاحهما ، ثم أرضعت الأخرى ، فلم تجتمع معهما في النكاح ، فلم ينفسخ نكاحها . فأما إن كان دخل بالكبيرة ، حرمت ، وحرمت الصغيرتان على التأبيد ; لأنهما ربيبتان قد دخل بأمهما . ( 6442 ) فصل : فإن أرضعت الصغيرتين أجنبية ، انفسخ نكاحهما أيضا . وهذا قول أبي حنيفة والمزني ، وأحد قولي الشافعي ، وقال في الآخر : ينفسخ نكاح الأخيرة وحدها ; لأن سبب البطلان حصل بها ، وهو الجمع ، فأشبه ما لو تزوج إحدى الأختين بعد الأخرى . ولنا ، أنه جامع بين الأختين في النكاح ، فانفسخ نكاحهما ، كما لو أرضعتهما معا ، وفارق ما لو عقد على واحدة بعد [ ص: 152 ] الأخرى ، فإن عقد الثانية لم يصح ، فلم يصر به جامعا بينهما ، وهاهنا حصل الجمع برضاع الثانية ، ولا يمكن القول بأنه لم يصح ، فحصلتا معا في نكاحه ، وهما أختان لا محالة . ( 6443 )

                                                                                                                                            فصل : وإن أرضعتهما بنت الكبيرة ، فالحكم في الفسخ كما لو أرضعتهن الكبيرة نفسها ; لأن الكبيرة تصير جدة لهما ، ولكن الرجوع يكون على المرضعة المفسدة لنكاحهن .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية