الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 6456 ) فصل : والنفقة مقدرة بالكفاية ، وتختلف باختلاف من تجب له النفقة في مقدارها . وبهذا قال أبو حنيفة ، ومالك . وقال القاضي : هي مقدرة بمقدار لا يختلف في القلة والكثرة ، والواجب رطلان من الخبز في كل يوم ، في حق الموسر والمعسر ، اعتبارا بالكفارات ، وإنما يختلفان في صفته وجودته ; لأن الموسر والمعسر سواء في قدر المأكول ، وفيما تقوم به البنية ، وإنما يختلفان في جودته ، فكذلك النفقة الواجبة .

                                                                                                                                            وقال الشافعي : نفقة المقتر مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم لأن أقل ما يدفع في الكفارة إلى الواحد مد . والله سبحانه اعتبر الكفارة بالنفقة على الأهل ، فقال سبحانه : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } . وعلى الموسر مدان ; لأن أكثر ما أوجب الله سبحانه للواحد مدين في كفارة الأذى ، وعلى المتوسط مد ونصف ، نصف نفقة الموسر ، ونصف نفقة الفقير .

                                                                                                                                            ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : { خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف } . فأمرها بأخذ ما يكفيها من غير تقدير ، ورد الاجتهاد في ذلك إليها ، ومن المعلوم أن قدر كفايتها لا ينحصر في المدين ، بحيث لا يزيد عنهما ولا ينقص ، ولأن الله تعالى قال : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : { ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف } . وإيجاب أقل من الكفاية من الرزق ترك للمعروف ، وإيجاب قدر الكفاية ، وإن كان أقل من مد أو من رطلي خبز ، إنفاق بالمعروف ، فيكون ذلك هو الواجب بالكتاب والسنة .

                                                                                                                                            واعتبار النفقة بالكفارة في القدر لا يصح ; لأن الكفارة لا تختلف باليسار والإعسار ، ولا هي مقدرة بالكفاية ، وإنما اعتبرها الشرع بها في الجنس دون القدر ، ولهذا لا يجب فيها الأدم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية