الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 190 ] باب من أحق بكفالة الطفل كفالة الطفل وحضانته واجبة ; لأنه يهلك بتركه ، فيجب حفظه عن الهلاك ، كما يجب الإنفاق عليه ، وإنجاؤه من المهالك ويتعلق بها حق لقرابته ، لأن فيها ولاية على الطفل واستصحابا له ، فتعلق بها الحق ، ككفالة اللقيط ولا تثبت الحضانة لطفل ، ولا معتوه ; لأنه لا يقدر عليها ، وهو محتاج إلى من يكفله ، فكيف يكفل غيره ، ولا فاسق ; لأنه غير موثوق به في أداء الواجب من الحضانة ، ولا حظ للولد في حضانته ، لأنه ينشأ على طريقته ، ولا الرقيق وبهذا قال عطاء ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي

                                                                                                                                            وقال مالك ، في حر له ولد حر من أمة : الأم أحق به ، إلا أن تباع فتنقل ، فيكون الأب أحق به ; لأنها أم مشفقة ، فأشبهت الحرة ولنا ، أنها لا تملك منافعها التي تحصل الكفالة بها ، لكونها مملوكة لسيدها ، فلم يكن لها حضانة ، كما لو بيعت ونقلت ولا تثبت لكافر على مسلم وبهذا قال مالك ، والشافعي ، وسوار ، والعنبري وقال ابن القاسم وأبو ثور ، وأصحاب الرأي تثبت له ; لما روي عن عبد الحميد بن جعفر ، عن أبيه ، عن جده رافع بن سنان ، { أنه أسلم ، وأبت امرأته أن تسلم ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : ابنتي وهي فطيم أو شبهه ، وقال رافع : ابنتي فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اقعد ناحية ، وقال لها : اقعدي ناحية ، وقال : ادعواها فمالت الصبية إلى أمها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم اهدها فمالت إلى أبيها ، فأخذها } رواه أبو داود ولنا ، أنها ولاية ، فلا تثبت لكافر على مسلم ، كولاية النكاح والمال ، ولأنها إذا لم تثبت للفاسق ، فالكافر أولى ، فإن ضرره أكثر ، فإنه يفتنه عن دينه ، ويخرجه عن الإسلام بتعليمه الكفر ، وتزيينه له ، وتربيته عليه ، وهذا أعظم الضرر والحضانة إنما تثبت لحظ الولد ، فلا تشرع على وجه يكون فيه هلاكه وهلاك دينه فأما الحديث ، فقد روي على غير هذا الوجه ، ولا يثبته أهل النقل ، وفي إسناده مقال قال ابن المنذر

                                                                                                                                            ويحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أنها تختار أباها بدعوته ، فكان ذلك خاصا في حقه فأما من بعضه حر ، فإن لم يكن بينه وبين سيده مهايأة ، فلا حضانة له ; لأنه لا يقدر عليها ، لكون منافعه مشتركة بينه وبين سيده ، وإن كان بينهما مهايأة ، فقياس قول أحمد ، أن له الحضانة في أيامه ; لأنه قال : كل ما يتجزأ ، فعليه النصف من كل شيء وهذا اختيار أبي بكر وقال الشافعي : لا حضانة له لأنه كالقن عنده وهذا أصل قد تقدم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية