الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 737 ) فصل : فإن سبق الإمام المأموم بركن كامل ; مثل أن ركع ورفع قبل ركوع المأموم ، لعذر من نعاس أو زحام أو عجلة الإمام ، فإنه يفعل ما سبق به ، ويدرك إمامه ، ولا شيء عليه . نص عليه أحمد . قال المروذي : قلت لأبي عبد الله : الإمام إذا سجد ، فرفع رأسه قبل أن أسجد ؟ قال : إن كانت سجدة واحدة فأتبعه إذا رفع رأسه . وهذا لا أعلم فيه خلافا . وإن سبقه بركعة كاملة أو أكثر ، فإنه يتبع إمامه ، ويقضي ما سبقه الإمام به .

                                                                                                                                            قال أحمد ، في رجل نعس خلف الإمام حتى صلى ركعتين ؟ قال : كأنه أدرك ركعتين ، فإذا سلم الإمام صلى ركعتين ، وإن سبقه بأكثر من ركن ، وأقل من ركعة ، ثم زال عذره ، فالمنصوص عن أحمد أنه يتبع إمامه ، ولا يعتد بتلك الركعة ; فإنه قال في رجل ركع إمامه وسجد وهو قائم لا يشعر ، ولم يركع حتى سجد الإمام ، فقال : يسجد معه ، ويأتي بركعة مكانها . وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله : الإمام إذا سجد ورفع رأسه قبل أن أسجد ؟ قال : إن كانت سجدة واحدة فاتبعه إذا رفع رأسه ، وإن كان سجدتان فلا يعتد بتلك الركعة . وظاهر هذا أنه متى سبقه بركعتين بطلت تلك الركعة .

                                                                                                                                            وإن سبقه بأقل من ذلك فعله وأدرك إمامه . وقال أصحابنا ، فيمن زحم عن السجود يوم الجمعة : ينتظر زوال الزحام ثم يسجد ويتبع الإمام ، ما لم يخف فوات الركوع في الثانية مع الإمام . وهذا يقتضي أنه يفعل ما فاته ، وإن كان أكثر من ركن واحد . وهذا قول الشافعي { ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله بأصحابه في صلاة عسفان ، حين أقامهم خلفه صفين ، فسجد بالصف الأول ، والصف الثاني قائم ، حتى قام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الثانية ، فسجد الصف الثاني ، ثم تبعه } . وكان ذلك جائزا للعذر . فهذا مثله .

                                                                                                                                            وقال مالك : إن أدركهم المسبوق في أول سجودهم سجد معهم ، واعتد بها . وإن علم أنه لا يقدر على الركوع ، وأدركهم في السجود حتى يستووا قياما ، فليتبعهم فيما بقي من صلاتهم ، ثم يقضي ركعة ، ثم يسجد للسهو ، ونحوه ، قال الأوزاعي : ولم يجعل عليه سجدتي السهو .

                                                                                                                                            والأولى في هذا ، والله أعلم ، ما كان على قياس فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف ; فإن ما لا نص فيه يرد [ ص: 311 ] إلى أقرب الأشياء به من المنصوص عليه . وإن فعل ذلك لغير عذر بطلت صلاته ; لأنه ترك الائتمام بإمامه عمدا ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية