الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            الحال الثاني : قتلوا ولم يأخذوا المال فإنهم يقتلون ولا يصلبون . وعن أحمد رواية أخرى ، أنهم يصلبون ; لأنهم محاربون يجب قتلهم ، فيصلبون ، كالذين أخذوا المال . والأولى أصح ; لأن الخبر المروي فيهم قال فيه : ومن قتل ولم يأخذ المال ، قتل " . ولم يذكر صلبا ; ولأن جنايتهم بأخذ المال مع القتل تزيد على الجناية بالقتل وحده ، فيجب أن تكون عقوبتهم أغلظ ، ولو شرع الصلب هاهنا لاستويا ، والحكم في تحتم القتل وكونه حدا هاهنا ، كالحكم فيه إذا قتل وأخذ المال .

                                                                                                                                            ( 7324 ) فصل : وإذا جرح المحارب جرحا في مثله القصاص ، فهل يتحتم فيه القصاص ؟ على روايتين ; إحداهما : لا يتحتم ; لأن الشرع لم يرد بشرع الحد في حقه بالجراح ، فإن الله تعالى ذكر في حدود المحاربين القتل والصلب والقطع والنفي ، فلم يتعلق بالمحاربة غيرها فلا يتحتم ، بخلاف القتل ، فإنه حد ، فتحتم ، كسائر الحدود ، فحينئذ لا يجب فيه أكثر من القصاص . والثانية : يتحتم ; لأن الجراح تابعة للقتل ، فيثبت فيها مثل حكمه ; ولأنه نوع قود ، أشبه القود في النفس . والأولى أولى . وإن جرحه جرحا لا قصاص فيه ، كالجائفة ، فليس فيه إلا الدية . وإن جرح إنسانا وقتل آخر ، اقتص [ ص: 128 ] منه للجراح ، وقتل للمحاربة . وقال أبو حنيفة : تسقط الجراح ; لأن الحدود إذا اجتمعت وفيها قتل ، سقط ما سوى القتل .

                                                                                                                                            ولنا أنها جناية يجب بها القصاص في غير المحاربة ، فيجب بها في المحاربة ، كالقتل ، ولا نسلم أن القصاص في الجراح حد ، وإنما هو قصاص متمحض ، فأشبه ما لو كان الجرح في غير المحاربة ، وإن سلمنا أنه حد ، فإنه مشروع مع القتل ، فلم يسقط به ، كالصلب ، وكقطع اليد والرجل عندهم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية