الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7473 ) أن السلب لا يخمس . روي ذلك عن سعد بن أبي وقاص . وبه قال الشافعي ، وابن المنذر ، وابن جرير . وقال ابن عباس : يخمس .

                                                                                                                                            وبه قال الأوزاعي ، ومكحول ; لعموم قوله تعالى : { واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه } . وقال إسحاق : إن استكثر الإمام السلب خمسه .

                                                                                                                                            وذلك إليه ; لما روى ابن سيرين ، أن البراء بن مالك بارز مرزبان الزأرة بالبحرين ، فطعنه فدق صلبه ، وأخذ سواريه وسلبه ، فلما صلى عمر الظهر ، أتى أبا طلحة في داره ، فقال : إنا كنا لا نخمس السلب ، وإن سلب البراء قد بلغ مالا ، وأنا خامسه . فكان أول سلب خمس في الإسلام سلب البراء . رواه سعيد في السنن . وفيها أن سلب البراء بلغ ثلاثين ألفا . ولنا ، ما روى عوف بن مالك ، وخالد بن الوليد ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ، ولم يخمس السلب .

                                                                                                                                            رواه أبو داود . وعموم الأخبار التي ذكرناها ، وخبر عمر حجة لنا ، فإنه قال : إنا كنا لا نخمس السلب . وقول الراوي : كان أول سلب خمس في الإسلام . يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر صدرا من خلافته ، لم يخمسوا سلبا ، واتباع ذلك أولى . قال الجوزجاني : لا أظنه يجوز لأحد في شيء سبق فيه من الرسول صلى الله عليه وسلم شيء إلا اتباعه ، ولا حجة في قول أحد مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                            وما ذكرناه يصلح أن يخصص به عموم الآية . وإذا ثبت هذا ، فإن السلب من أصل الغنيمة . وقال مالك : يحتسب من خمس الخمس . ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل مطلقا ، ولم ينقل عنه أنه احتسب به من خمس الخمس ، ولأنه لو احتسب به من خمس الخمس ، احتيج إلى معرفة قيمته وقدره ، ولم ينقل ذلك ولأن سببه لا يفتقر إلى اجتهاد الإمام ، فلم يكن من خمس الخمس ، كسهم الفارس والراجل .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية