الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7526 ) فصل : يجوز قسم الغنائم في دار الحرب . وبهذا قال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وابن المنذر ، وأبو ثور . وقال أصحاب الرأي : لا تنقسم إلا في دار الإسلام ; لأن الملك لا يتم عليها إلا بالاستيلاء التام ، ولا يحصل إلا بإحرازها في دار الإسلام . وإن قسمت أساء قاسمها ، وجازت قسمته ; لأنها مسألة مجتهد فيها ، فإذا حكم الإمام فيها بما يوافق قول بعض المجتهدين ، نفذ حكمه .

                                                                                                                                            ولنا ، ما روى أبو إسحاق الفزاري . قال : قلت للأوزاعي : هل قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من الغنائم بالمدينة ؟ قال : لا أعلمه ، إنما كان الناس يتبعون غنائمهم ، ويقسمونها في أرض عدوهم ، ولم يقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غزاة قط أصاب فيها غنيمة إلا خمسه وقسمه من قبل أن يقفل ، من ذلك غزوة بني المصطلق ، وهوازن ، وخيبر . ولأن كل دار صحت القسمة فيها جازت ، كدار الإسلام ، ولأن الملك ثبت فيها بالقهر والاستيلاء ، فصحت قسمتها ، كما لو أحرزت بدار الإسلام .

                                                                                                                                            والدليل على ثبوت الملك فيها أمور ثلاثة ; أحدها ، أن سبب الملك الاستيلاء التام ، وقد وجد ، فإننا أثبتنا أيدينا عليها حقيقة ، وقهرناهم ، ونفيناهم عنها ، والاستيلاء يدل على حاجة المستولي ، فيثبت الملك ، كما في المباحات . الثاني ، أن ملك الكفار قد زال عنها ، بدليل أنه لا ينفذ عتقهم في العبيد الذين حصلوا في الغنيمة ، ولا يصح تصرفهم فيها ، ولم يزل ملكهم إلى غير مالك ، إذ ليست في هذه الحال مباحة ، علم أن ملكهم زال إلى الغانمين .

                                                                                                                                            الثالث ، أنه لو أسلم عبد الحربي ، ولحق بجيش المسلمين ، صار حرا ، وهذا يدل على زوال ملك الكافر ، وثبوت الملك لمن قهره ، وبهذا يحصل الجواب عما ذكروه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية