الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7537 ) فصل : إذا أسلم الحربي في دار الحرب ، حقن ماله ودمه وأولاده الصغار من السبي . وإن دخل دار الإسلام فأسلم ، وله أولاد صغار في دار الحرب ، صاروا مسلمين ، ولم يجز سبيهم . وبه قال مالك ، والشافعي ، والأوزاعي .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : ما كان في يديه من ماله ورقيقه ومتاعه وولده الصغار ، ترك له ، وما كان من أمواله بدار [ ص: 217 ] الحرب ، جاز سبيهم ; لأنه لم يثبت إسلامهم بإسلامه ، لاختلاف الدارين بينهم ، ولهذا إذا سبي الطفل وأبواه في دار الكفر ، لم يتبعها ، ويتبع سابيه في الإسلام ، وما كان من أرض أو دار فهو فيء ، وكذلك زوجته إذا كانت كافرة ، وما في بطنها فيء . ولنا ، أن أولاده أولاد مسلم ، فوجب أن يتبعوه في دار الإسلام ، كما لو كانوا معه في الدار ، ولأن ماله مال مسلم ، فلا يجوز اغتنامه ، كما لو كان في دار الإسلام ، وبذلك يفارق مال الحربي وأولاده .

                                                                                                                                            وما ذكره أبو حنيفة لا يلزم ; فإننا نجعله تبعا للسابي ; لأننا لا نعلم بقاء أبويه ، فأما أولاده الكبار ، فلا يعصمهم ; لأنهم لا يتبعونه ، ولا يعصم زوجته لذلك ، فإن سبيت صارت رقيقا ، ولم ينفسخ نكاحه برقها ، ولكن يكون حكمها في النكاح وفسخه حكم ما لو لم تسب ، على ما مر في نكاح أهل الشرك فإن كانت حاملا من زوجها ، لم يجز استرقاق الحمل ، وكان حرا مسلما . وبه قال الشافعي .

                                                                                                                                            وقال أبو حنيفة : يحكم برقه مع أمه ; لأن ما سرى إليه العتق سرى إليه الرق ، كسائر أعضائها . ولنا ، أنه محكوم بحريته وإسلامه ، فلم يجز استرقاقه ، كالمنفصل ، ويخالف الأعضاء ; لأنها لا تنفرد بحكم عن الأصل .

                                                                                                                                            ( 7538 ) فصل : وإذا أسلم الحربي في دار الحرب ، وله مال وعقار ، أو دخل إليها مسلم فابتاع عقارا أو مالا ، فظهر المسلمون على ماله وعقاره لم يملكوه ، وكان له . وبه قال مالك ، والشافعي ، وقال أبو حنيفة : يغنم العقار ، وأما غيره ، فما كان في يده أو يد مسلم ، لم يغنم .

                                                                                                                                            واحتج بأنها بقعة من دار الحرب ، فجاز اغتنامها ، كما لو كانت لحربي . ولنا ، أنه مال مسلم ، فأشبه ما لو كاتب في دار الإسلام .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية