الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 7715 ) فصل : وإن أرسل كلبه ، فأرسل مجوسي كلبه ، فقتلا صيدا ، لم يحل ; لأن صيد المجوسي حرام ، فإذا اجتمع الحظر والإباحة غلب الحظر ، كالمتولد بين ما يؤكل وما لا يؤكل ، ولأن الأصل الحظر ، والحل موقوف على شرط ، وهو تذكية من هو من أهل الذكاة ، أو صيده الذي حصلت التذكية به ، ولم يتحقق ذلك . وكذلك إن رمياه بسهميهما ، فأصاباه ، فمات ، ولا فرق بين أن يقع سهماهما فيه دفعة واحدة ، أو يقع أحدهما قبل الآخر ، إلا أن يكون الأول قد عقره عقرا موحيا ، مثل أن ذبحه ، أو جعله في حكم المذبوح ، ثم أصابه الثاني وهو غير مذبوح ، فيكون الحكم للأول ، فإن كان الأول المسلم ، أبيح ، وإن كان المجوسي ، لم يبح . وإن كان الثاني موحيا أيضا ، فقال أكثر أصحابنا : الحكم للأول أيضا ; لأن الإباحة حصلت به ، فأشبه ما لو كان الثاني غير موح .

                                                                                                                                            ويجيء على قول الخرقي أنه لا يباح ; لقوله : وإذا ذبح فأتى على المقاتل ، فلم تخرج الروح حتى وقعت في الماء ، أو وطئ عليها شيء ، لم تؤكل . ولأن الروح خرجت بالجرحين ، فأشبه ما لو جرحاه معا . وإن كان الأول ليس بموح ، والثاني موح ، فالحكم للثاني في الحظر والإباحة .

                                                                                                                                            وإن أرسل المسلم والمجوسي كلبا واحدا ، فقتل [ ص: 300 ] صيدا ، لم يبح لذلك ، وكذلك لو أرسله مسلمان وسمى أحدهما دون الآخر . وكذلك لو أرسل المسلم كلبين ، أحدهما معلم والآخر غير معلم ، فقتلا صيدا ، لم يحل . وكذلك إن أرسل كلبه المعلم ، فاسترسل معه معلم آخر بنفسه ، فقتلا الصيد ، لم يحل ، في قول أكثر أهل العلم ; منهم ربيعة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وأصحاب الرأي . وقال الأوزاعي : يحل هاهنا .

                                                                                                                                            ولنا ، أن إرسال الكلب على الصيد شرط لما بيناه ، ولم يوجد في أحدهما .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية