الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 942 ) فصل : إذا أتى بذكر مشروع يقصد به تنبيه غيره . فذلك ثلاثة أنواع : الأول مشروع في الصلاة ، مثل أن يسهو إمامه فيسبح به ليذكره أو يترك إمامه ذكرا فيرفع المأموم صوته ليذكره أو يستأذن عليه إنسان في الصلاة أو يكلمه أو ينوبه شيء ، فيسبح ليعلم أنه في صلاة ، أو يخشى على إنسان الوقوع في شيء فيسبح به ليوقظه ، أو يخشى أن يتلف شيئا ، فيسبح به ليتركه .

                                                                                                                                            فهذا لا يؤثر في الصلاة في قول أكثر أهل العلم ; منهم الأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور وحكي عن أبي حنيفة أن من أفهم غير إمامه بالتسبيح فسدت صلاته ; لأنه خطاب آدمي فيدخل في عموم أحاديث النهي عن الكلام ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم { من نابه شيء في الصلاة فليقل : سبحان الله فإنه لا يسمعه أحد يقول سبحان الله إلا التفت وفي لفظ إذا نابكم أمر فليسبح الرجال ولتصفق النساء } متفق عليه وهو عام في كل أمر ينوب المصلي وفي " المسند " عن علي { كنت إذا استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم إن كان في صلاة سبح وإن كان في غير صلاة أذن } ولأنه نبه بالتسبيح أشبه ما لو نبه الإمام ، ولو كان تنبيه غير الإمام كلاما مبطلا لكان تنبيه الإمام كذلك .

                                                                                                                                            ( 943 ) فصل : وفي معنى هذا النوع ، إذا فتح على الإمام إذا ارتج عليه ، أو رد عليه إذا غلط فلا بأس به في الفرض والنفل . وروي ذلك عن عثمان ، وعلي ، وابن عمر . رضي الله عنهم وبه قال عطاء ، والحسن ، وابن سيرين ، وابن معقل ، ونافع بن جبير بن مطعم ، وأبو أسماء الرحبي ، وأبو عبد الرحمن السلمي . وكرهه ابن مسعود وشريح ، والشعبي ، والثوري ، وقال أبو حنيفة ، تبطل الصلاة به ; لما روى الحارث عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا يفتح على الإمام } ولنا : ما روى ابن عمر ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة ، فقرأ فيها ، فلبس عليه ، فلما انصرف قال لأبي أصليت معنا ؟ . قال : نعم قال : فما منعك ؟ } رواه أبو داود قال الخطابي وإسناده جيد

                                                                                                                                            وعن ابن عباس [ ص: 396 ] قال { : تردد رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة في صلاة الصبح ، فلم يفتحوا عليه ، فلما قضى الصلاة نظر في وجوه القوم ، فقال : أما شهد الصلاة معكم أبي بن كعب ؟ قالوا : لا } فرأى القوم أنه إنما تفقده ليفتح عليه . رواه الأثرم وروى مسور بن يزيد المالكي قال : { شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فترك آية من القرآن فقيل يا رسول الله ، آية كذا وكذا تركتها . قال : فهلا ذكرتنيها ؟ } رواه أبو داود والأثرم ولأنه تنبيه لإمامه بما هو مشروع في الصلاة ، فأشبه التسبيح وحديث علي يرويه الحارث وقال الشعبي : كان كذابا ، وقد قال عن نفسه : إذا استطعمك الإمام فأطعمه . يعني إذا تعايى فاردد عليه . رواه الأثرم . وقال الحسن إن أهل الكوفة يقولون : لا تفتح على الإمام . وما بأس به ، أليس يقول سبحان الله وقال أبو داود : لم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث ، ليس هذا منها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية