الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 949 ) فصل : إذا أكل أو شرب في الفريضة عامدا ، بطلت صلاته ، رواية ، واحدة . ولا نعلم فيه خلافا . قال ابن المنذر : أجمع أهل العلم على أن المصلي ممنوع من الأكل والشرب ، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أكل أو شرب في صلاة الفرض عامدا أن عليه الإعادة ، وأن ذلك يفسد الصوم الذي لا يفسد بالأفعال ، فالصلاة أولى . فإن فعل ذلك في التطوع أبطله ، في الصحيح من المذهب ، وهو قول أكثر الفقهاء ; لأن ما أبطل الفرض أبطل التطوع ، كسائر مبطلاته . وعن أحمد رواية أخرى ، أنه لا يبطلها . ويروى عن ابن الزبير وسعيد بن جبير ، أنهما شربا في التطوع .

                                                                                                                                            وعن طاوس ، أنه لا بأس به . وكذلك قال إسحاق ; لأنه عمل يسير ، فأشبه غير الأكل ، فأما إن أكثر فلا خلاف في أنه يفسدها ; لأن غير الأكل من الأعمال يفسد إذا كثر ، فالأكل والشرب أولى . وإن أكل أو شرب في فريضة أو تطوع ناسيا لم تفسد . وبهذا قال عطاء والشافعي . وقال الأوزاعي تفسد صلاته ; لأنه فعل مبطل من غير جنس الصلاة ، فاستوى عمده وسهوه ، كالعمل الكثير .

                                                                                                                                            ولنا عموم قوله عليه الصلاة والسلام { : عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان } . ولأنه يسوى بين قليله وكثيره حال العمد . ويعفى عنه في الصلاة كالعمل من جنسها ، ويشرع لذلك سجود السهو . وهذا قول الشافعي ; فإن ما يبطل عمده الصلاة إذا عفي عنه لأجل السهو شرع له السجود ، كالزيادة من جنس الصلاة ، ومتى كثر ذلك أبطل الصلاة بغير خلاف ; لأن الأفعال المعفو عن يسيرها إذا كثرت أبطلت ، فهذا أولى .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية