الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 1244 ) فصل : والملاح الذي يسير في سفينه ، وليس له بيت سوى سفينته ، فيها أهله وتنوره وحاجته ، لا يباح له الترخص . قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله يسأل عن الملاح ، أيقصر ، ويفطر في السفينة ؟ قال : أما إذا كانت السفينة بيته فإنه يتم ويصوم . قيل له : وكيف تكون بيته ؟ قال : لا يكون له بيت غيرها ، معه فيها أهله وهو فيها مقيم . وهذا قول عطاء .

                                                                                                                                            وقال الشافعي يقصر ويفطر ; لعموم النصوص ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : { إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة } . رواه أبو داود . ولأن كون أهله معه لا يمنع الترخص ، كالجمال . ولنا ، أنه غير ظاعن عن منزله ، فلم يبح له الترخص ، كالمقيم في المدن ، فأما النصوص فإن المراد بها الظاعن [ ص: 53 ] عن منزله ، وليس هذا كذلك ، وأما الجمال والمكاري فلهم الترخص وإن سافروا بأهلهم .

                                                                                                                                            قال : أبو داود : سمعت أحمد يقول في المكاري الذي هو دهره في السفر : لا بد من أن يقدم فيقيم اليوم . قيل : فيقيم اليوم واليومين والثلاثة في تهيئه للسفر . قال : هذا يقصر . وذكر القاضي ، وأبو الخطاب ، أنه ليس له القصر كالملاح . وهذا غير صحيح ; لأنه مسافر مشفوق عليه ، فكان له القصر كغيره ، ولا يصح قياسه على الملاح ; فإن الملاح في منزله سفرا وحضرا ، ومعه مصالحه وتنوره وأهله ، وهذا لا يوجد في غيره .

                                                                                                                                            وإن سافر هذا بأهله كان أشق عليه ، وأبلغ في استحقاق الترخص ، وقد ذكرنا نص أحمد في الفرق بينهما ، والنصوص متناولة لهذا بعمومها ، وليس هو في معنى المخصوص ، فوجب القول بثبوت حكم النص فيه ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية