الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ومن له دين على مليء ) أي : قادر على وفائه ( باذل ) للدين ( من قرض أو دين ، عروض تجارة أو مبيع لم يقبضه ) كموصوف في الذمة ( بشرط الخيار أولا ، أو دين سلم إن كان ) دين السلم ( للتجارة ولم يكن أثمانا ) هكذا عبارة الإنصاف والفروع والمبدع وذكر في المنتهى : لا تجب في دين سلم ما لم يكن أثمانا أو للتجارة انتهى وعليه : يحمل كلام المصنف بجعل الواو للحال أي : إن كان للتجارة في حال كونه غير أثمان فإن كان أثمانا لم يعتبر كونها للتجارة ( أو ثمن مبيع أو رأس مال سلم قبل قبض عوضهما ) أي : عوض ثمن المبيع ، وهو المبيع ; وعوض رأس مال سلم ، وهو المسلم فيه .

                                                                                                                      وإنما يتصور ذلك في رأس مال السلم ما داما بالمجلس ولم ينبه عليه للعلم به ، مما يأتي في بابه ( ولو انفسخ العقد ) أي : عقد البيع أو السلم بإقالة أو غيرها فلا تسقط زكاته ( أو ) دين من ( صداق أو عوض خلع أو أجرة ) بأن تزوجها على مائة في ذمته أو سألته الخلع بذلك ، أو استأجر منه شيئا كذلك ، فيجري ذلك في حول الزكاة ( بالعقد قبل القبض وإن لم تستوف ) منه ( المنفعة ) المعقود عليها في النكاح أو الإجارة لملك هذه [ ص: 172 ] الأشياء بالعقد ( وكذا كل دين لا في مقابلة مال ، أو ) في مقابلة ( مال غير زكوي ، كموصى به وموروث ، وثمن مسكن ونحو ذلك ) كقيمة عبد متلف وجعل بعد عمل ، ومصالح به عن دم عمد ( جرى في حول الزكاة من حين ملكه ، عينا كان أو دينا ) لأن الملك في جميعه مستقر ، وتعريضه للزوال لا تأثير له .

                                                                                                                      وهو ظاهر إجماع الصحابة ذكره في المبدع في الصداق وعوض الخلع والأجرة والصداق ، وعوض الخلع إذا كان مبهما استقبل به حول من تعيينه ( من غير بهيمة الأنعام ، لا ) إن كان الدين ( منها ) أي : من بهيمة الأنعام فلا زكاة فيه ، كما لو اشترى أربعين شاة موصوفة في الذمة ( لاشتراط السوم ) فيها ( فإن عينت زكيت كغيرها وكذا الدية الواجبة لا تزكى لأنها لم تتعين مالا زكويا ) لأن الإبل في الدية أحد الأصول الخمسة وقوله ( زكاة ) أي : الدين المذكور ( إذا قبضه ، أو ) قبض ( شيئا منه ) جواب قوله : ومن له دين ، لجريانه في حول الزكاة لما سبق ( فكلما قبض شيئا ) من الدين ( أخرج زكاته ) لما مضى ( ولو لم يبلغ المقبوض نصابا ) حيث بلغ أصله نصابا ولو بالضم إلى غيره .

                                                                                                                      روى أحمد عن علي وابن عمر وعائشة " لا زكاة في الدين حتى يقبض " ذكره أبو بكر بإسناده ولم يعرف لهم مخالف ( أو أبرأ منه ) أي : من الدين أو بعضه فيزكيه ( لما مضى ) وسواء ( قصد ببقائه ) أي : الدين ( عليه ) أي : المدين ( الفرار من الزكاة أو لا ) وسواء كان المدين يزكيه أو لا ( ويجزئ إخراجها ) أي : زكاة الدين ( قبل قبضه ) لقيام الوجوب على رب الدين ، وعدم إلزامه بالإخراج قبل قبضه رخصة فليس كتعجيل الزكاة .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية