الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ثم يفيض إلى مكة فيطوف متمتع لقدومه ) كطوافه ل ( عمرته ) السابق في دخول مكة ( نصا ) هكذا في الإنصاف وبعض النسخ وفي بعضها : لعمرته والمعنى على ما ذكرته ( بلا رمل ) ثم يطوف للزيارة واحتج الإمام بحديث عائشة قالت " فطاف الذين أهلوا بالعمرة بين الصفا والمروة ثم حلقوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا " فحمل أحمد قول عائشة على أن طوافهم لحجهم هو طواف القدوم ; ولأنه قد ثبت أن طواف القدوم مشروع فلم يكن الطواف طواف الزيارة مسقطا له كتحية المسجد عند دخوله قبل التلبس بالفرض واختار ذلك الخرقي وأكثر الأصحاب .

                                                                                                                      ( وكذا يطوفه ) أي : طواف القدوم ( برمل مفرد وقارن لم يكونا دخلا مكة قبل يوم النحر ولا طافاه نصا ) لما تقدم ( وقيل : لا يطوف للقدوم أحد منهم اختاره الشيخ والموفق ورده ) الموفق ( الأول وقال ) الموفق ( لا نعلم أحدا وافق أبا عبد الله على ذلك ) بل المشروع طواف واحد للزيارة كمن دخل المسجد وأقيمت الصلاة فإنه يكتفى بها عن تحية المسجد ; ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه [ ص: 505 ] الذين تمتعوا معه في حجة الوداع ولا أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أحدا وحديث عائشة دليل على هذا فإنها قالت " طافوا طوافا واحدا بعد أن رجعوا من منى لحجهم " وهذا هو طواف الزيارة ولم تذكر طوافا آخر ولو كان هذا الذي ذكرته طواف القدوم لكانت قد أخلت بذكر طواف الزيارة الذي هو ركن الحج لا يتم إلا به وذكرت ما يستغنى عنه وعلى كل حال فما ذكرت إلا طوافا واحدا فمن أين يستدل به على طوافين .

                                                                                                                      ( قال ) أبو الفرج عبد الرحمن زين الدين ( ابن رجب وهو الأصح ثم يطوف للزيارة ) سمي بذلك ; لأنه يأتي من منى فيزور البيت ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى ( ويسمى الإفاضة ) ; لأنه يفعل بعدها ( و ) يسمى ( الصدر ) بفتح الصاد والدال المهملة وهو رجوع المسافر من مقصده ; لأنه يفعل بعده أيضا وما ذكره من إنه يسمى طواف الصدر قاله في المطلع والرعاية والمستوعب وقدمه الزركشي وصحح في الإنصاف أن طواف الصدر هو طواف الوداع وتبعه في المنتهى .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية