الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( الثالث ) من النواقض ( زوال العقل ) كحدوث جنون أو برسام كثيرا كان أو قليلا ( أو تغطيته ) بإغماء أو سكر قليل أو كثير قال في المبدع : إجماعا على كل الأحوال ; لأن هؤلاء لا يشعرون بحال ، بخلاف النائم ( ولو ) كانت تغطيته ( بنوم ، قال أبو الخطاب ) محفوظ ( وغيره ولو تلجم فلم يخرج منه شيء ) إلحاقا بالغالب ; لأن الحس يذهب معه ، ولعموم حديث علي { العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ } رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه .

                                                                                                                      وعن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { العين وكاء السه ، فإذا نامت العينان استطلق الوكاء } رواه أحمد والدارقطني والسه اسم لحلقة الدبر ولأن النوم ونحوه مظنة الحدث ، فأقيم مقامه ، والنوم رحمة من الله على عبده ليستريح بدنه عند تعبه وهو غشية ثقيلة تقع على القلب تمنع المعرفة بالأشياء ( إلا نوم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كثيرا على أي حال كان ) فإنه كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه ، كما يأتي في خصائصه ( وإلا ) النوم ( اليسير عرفا من جالس وقائم ) لقول أنس { كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة ، حتى تخفق رءوسهم ، ثم يصلون ولا يتوضئون } رواه أبو داود بإسناد صحيح .

                                                                                                                      ولقول ابن عباس في قصة تهجده صلى الله عليه وسلم { فجعلت إذا غفيت [ ص: 126 ] يأخذ بشحمة أذني } رواه مسلم ولأن الجالس والقائم يشتبهان في الانحفاظ واجتماع المخرج وربما كان القائم أبعد من الحدث ، لكونه لو استثقل في النوم سقط ( فإن شك في الكثير ) أي : نام وشك هل نومه كثير أو يسير ؟ ( لم يلتفت إليه ) لتيقنه الطهارة وشكه في نقضها ( وإن رأى ) في نومه ( رؤيا فهو كثير ) نص عليه .

                                                                                                                      قال الزركشي : لا بد في النوم الناقض من الغلبة على العقل فمن سمع كلام غيره وفهمه فليس بنائم فإن سمعه ولم يفهمه فيسير قال : وإذا سقط الساجد عن هيئته والقائم من قيامه ونحو ذلك بطلت طهارته ; لأن أهل العرف يعدون ذلك كثيرا ( وإن خطر بباله شيء لا يدري : أرؤيا أو حديث نفس ؟ فلا وضوء عليه ) لتيقنه الطهارة وشكه في الحدث ( وينقض ) النوم ( اليسير من راكع وساجد ) كمضطجع ، وقياسها على الجالس مردود بأن محل الحدث فيهما منفتح ، بخلاف الجالس ( و ) ينقض اليسير أيضا من ( مستند ومتكئ ومحدب كمضطجع ) بجامع الاعتماد .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية