الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فإن كان الأقرب ليس أهلا ) للولاية ( كالطفل ) يعني من لم يبلغ ( والعبد والكافر والفاسق ) ظاهر الفسق ( والجنون المطبق والشيخ إذا أفند ) أي ضعف في العقل والتصرف ، قال في القاموس : الفند بالتحريك : إنكار العقل لهرم أو مرض ، والخلط في القول والرأي ، والكذب كالإفناد ولا تقل عجوز مفندة ، لأنها لم تكن ذات رأي أبدا ( أو عضل الأقرب زوج الأبعد ) يعني من يلي الأقرب من الأولياء ، لأن الولاية لا تثبت للأقرب مع اتصافه بما تقدم ، فوجوده كعدمه ، ولتعذر التزويج من جهة الأقرب بالعضل جعل كالعدم ، كما لو جن .

                                                                                                                      فإن عضل الأبعد أيضا زوجها الحاكم لقوله صلى الله عليه وسلم { فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي لها } ، ( والعضل منعها ) أن تتزوج ( بكفء إذا طلبت ذلك ورغب كل منهما في صاحبه ) بما صح مهرا ( ولو ) كان ( بدون مهر مثلها ) يقال : داء عضال إذا أعيا الطبيب دواؤه ، وامتنع عليه .

                                                                                                                      ( قاله الشيخ ، ومن صور العضل ) المسقط لولايته : ( إذا امتنع الخطاب لشدة الولي انتهى ) لكن الظاهر أنه لا حرمة على [ ص: 55 ] الولي هنا لأنه ليس له فعل في ذلك ( ويفسق ) الولي ( بالعضل إن تكرر منه ) لأنه صغيرة ، وفيه ما أشرنا إليه في الحاشية .

                                                                                                                      ( وإن غاب ) الولي ( غيبة منقطعة ولم يوكل ) من يزوج زوج الولي ( الأبعد ) دون السلطان ، لقوله صلى الله عليه وسلم { السلطان ولي من لا ولي لها } وهذه لها ولي ( ما لم تكن أمة ) غاب سيدها ( فيزوجها الحاكم ) لأن له نظرا في مال الغائب ( ويأتي في نفقة المماليك ) بأتم من هذا ( وهي ) أي الغيبة المنقطعة ( ما لا تقطع إلا بكلفة ومشقة ) ، نص عليه في رواية عبد الله قال الموفق : وهذا أقرب إلى الصواب فإن التحديد بابه التوقيف ولا توقيف ، ( وتكون ) الغيبة المنقطعة ( فوق مسافة القصر ) لأن من دون ذلك في حكم الحاضر ، ( وإن كان الأقرب أسيرا أو محبوسا في مسافة قريبة لا تمكن مراجعته أو تتعذر ) أي تتعسر مراجعته فزوج الأبعد صح لأنه صار كالبعيد ، ( أو كان ) الأقرب ( غائبا لا يعلم ) محله ( أقريب هو أم بعيد ؟ ) فزوج الأبعد صح ، ( أو علم أنه ) أي الأقرب ( قريب ) المسافة ( ولم يعلم مكانه ) فزوج الأبعد صح لتعذر مراجعته ، ( أو كان ) الأقرب ( مجهولا لا يعلم أنه عصبة ) للمرأة ( فزوج الأبعد ) الذي يليه ( صح ) التزويج استصحابا للأصل ، ( ثم إن علم العصبة ) بعد العقد وكان غير معلوم حينه لم يعد العقد .

                                                                                                                      ( و ) إن ( زال المانع ) بعد العقد ، بأن بلغ الصغير أو عقل المجنون ونحوه ( لم يعد العقد ) ، وكذا إن قام بالأقرب مانع أو كان غير أهل ثم زال وعاد أهلا ولم يعلم ذلك حين العقد فزوج الأبعد لم يعد العقد ، ( وكذا لو زوجت بنت ملاعنة ) بعد أن نفاها أبوها باللعان ( ثم استلحقها أب ) لم يعد العقد استصحابا للأصل في ذلك كله .

                                                                                                                      قال الشيخ تقي الدين في المسودة : قد يقال حكم تزويجها حكم سائر الأحكام المتعلقة بالنسب تلك المدة من العقل والإرث وغير ذلك .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية