الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( فيقول ) تفسير للتشهد ( التحيات لله ، والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) لحديث ابن مسعود ، ولفظه ، قال { كنا إذا جلسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا : السلام على الله من عباده ، السلام على جبريل ، السلام على ميكائيل ، السلام على فلان فسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله هو السلام ، فإذا جلس أحدكم فليقل : التحيات لله إلى آخره ثم قال : ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه فيدعو } .

                                                                                                                      وفي لفظ { علمني النبي صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه ، كما يعلمني السورة من القرآن } قال الترمذي : هو أصح حديث في التشهد ، والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين ، وليس في المتفق عليه حديث غيره ورواه أيضا ابن عمر وجابر وأبو هريرة وعائشة ويرجح بأنه اختص بأنه صلى الله عليه وسلم أمره بأن يعلمه الناس " رواه أحمد .

                                                                                                                      ( وبأي تشهد تشهد مما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم جاز ) كتشهد ابن عباس ، وهو " التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله " إلى - آخره - ولفظ مسلم ، " وأشهد أن محمدا رسول الله ، وكتشهد عمر " التحيات لله الزاكيات لله ، الطيبات الصلوات لله سلام عليك إلى آخره والتحيات : جمع تحية ، وهي العظمة .

                                                                                                                      وقال أبو عمرو الملك ، وقال ابن الأنباري : السلام وقيل : البقاء ، والصلوات : هي الخمس وقيل : الرحمة ، وقيل : الأدعية ، وقيل العبادات والطيبات : هي الأعمال الصالحة وقال ابن الأنباري : الطيبات من الكلام ، ومن خواص الهيللة ، أن حروفها كلها مهملة تنبيها على التجرد من كل معبود سوى الله ، وجوفية ليس فيها شيء من الشفوية ، إشارة إلى أنها تخرج من القلب ، وإذا قال " السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، نوى به النساء ومن لا يشركه في ظاهر كلامهم ، لقوله صلى الله عليه وسلم { أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض } ( ولا تكره التسمية أوله ) لما روي عن عمر أنه " كان إذا تشهد قال : بسم الله خير الأسماء " .

                                                                                                                      وعن ابن عمر أنه كان يسمي أوله ( وتركها ) أي : ترك التسمية أول التشهد ( أولى ) لأن ابن عباس [ ص: 358 ] سمع رجلا يقول ( بسم الله ) فانتهره .

                                                                                                                      ( وذكر جماعة أنه لا بأس بزيادة " وحده لا شريك له ) لفعل ابن عمر ( والأولى تخفيفه ، وعدم الزيادة عليه ) أي : التشهد لحديث أبي عبيدة عن أبيه عن ابن مسعود ، ولقول مسروق " كنا إذا جلسنا مع أبي بكر كأنه على الرضف حتى يقوم " رواه أحمد وقال حنبل : رأيت أبا عبد الله يصلي ، فإذا جلس في الجلسة بعد الركعتين أخف الجلوس ، ثم يقوم كأنه كان على الرضف ، أي : الحجارة المحماة بالنار قال : وإنما قصد الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ، .

                                                                                                                      ( وإن قال " وأن محمدا ) رسول الله ( وأسقط أشهد فلا بأس ) لأنه لا يخل بالمقصود من المعنى ( وهذا التشهد الأول ) في المغرب والرباعية ( ثم إن كانت الصلاة ركعتين فقط ) فرضا كانت أو نفلا ( أتى بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وبما بعدها ، فيقول : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد هذا الأولى من ألفاظ الصلاة والبركة ) عليه صلى الله عليه وسلم وعلى آله ، لما روى كعب بن عجرة .

                                                                                                                      قال { : خرج علينا الرسول صلى الله عليه وسلم فقلنا : قد عرفنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ قال قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد } متفق عليه .

                                                                                                                      ( ويجوز ) أن يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ( بغيره ) أي : غير هذا اللفظ ( مما ورد ) ومنه ما رواه أحمد والترمذي وصححه ، وغيرهما من حديث كعب ، .

                                                                                                                      وفيه { اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم ، وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وآل محمد ، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد } ( وآله : أتباعه على دينه ) صلى الله عليه وسلم وإن لم يكونوا من أقاربه قال تعالى { أدخلوا آل فرعون أشد العذاب } { وإذ نجيناكم من آل فرعون } { وأغرقنا آل فرعون } وقد يضاف آل الشخص إليه ويكون داخلا فيهم كهذه الآيات ( والصواب : عدم جواز إبداله أي : آل بأهل ) لأن أهل الرجل أقاربه أو زوجته ، وآله أتباعه على دينه ، [ ص: 359 ] فتغايرا .

                                                                                                                      ( وإذا أدرك ) المسبوق ( بعض الصلاة مع الإمام ، فجلس الإمام في آخر صلاته لم يزد المأموم على التشهد الأول ، بل يكرره ) أي : التشهد الأول حتى يسلم الإمام ( ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدعو بشيء مما يدعى به في التشهد الأخير ) لأنه لم يتعقبه ، ولأنه لا يقصر سلامه .

                                                                                                                      ( فإن سلم إمامه ) قبل أن يتمه ( قام ولم يتمه ) لعدم وجوبه عليه ( إن لم يكن واجبا في حقه ) بأن يكون محل تشهده الأول ، فيتمه لوجوبه عليه ( وتجوز الصلاة على غيره ) أي : غير النبي صلى الله عليه وسلم ( منفردا ) عنه ( نصا ) نص عليه في رواية أبي داود ، واحتج بقول علي لعمر : صلى الله عليك ، وذكر في شرح الهداية : أنه لا يصلى على غيره منفردا ، وحكى ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما رواه سعيد واللالكائي عنه قال الشيخ وجيه الدين : الصلاة على غير الرسول جائزة تبعا لا مقصودة ، واختار الشيخ تقي الدين منصوص أحمد .

                                                                                                                      قال : وذكره القاضي وابن عقيل وعبد القادر ، قال : وإذا جازت جازت أحيانا على كل أحد من المؤمنين فإما أنه يتخذ شعارا لذكر بعض الناس ، أو يقصد الصلاة على بعض الصحابة دون بعض فهذا لا يجوز وهو معنى قول ابن عباس قال : والسلام على غيره باسمه جائز من غير تردد .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية