الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1891 - مسألة : ومن ظاهر من أجنبية ثم كرره ، ثم تزوجها فليس عليه ظهار ، ولا كفارة .

                                                                                                                                                                                          وقد اختلف الناس في هذا - : فروينا من طريق مالك عن سعيد بن عمرو بن سليم الزرقي عن القاسم بن محمد ، قال : جعل رجل امرأة كظهر أمه إن تزوجها ؟ فقال له عمر بن الخطاب : إن تزوجتها فلا تقربها حتى تكفر .

                                                                                                                                                                                          وهو قول عطاء ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وعروة بن الزبير ، صح ذلك عنهم .

                                                                                                                                                                                          وهو قول أبي حنيفة ، ومالك ، وأحمد بن حنبل ، وأصحابهم ، وسفيان الثوري ، وإسحاق .

                                                                                                                                                                                          وقالت طائفة كما قلنا : روينا من طريق عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن محمد بن عجلان عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان لا يرى الظهار قبل النكاح شيئا ، ولا يرى أيضا الطلاق قبل النكاح شيئا - وهذا في غاية الصحة عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                          ومن طريق عبد الرزاق عن معمر عن الحسن ، وقتادة ، قالا جميعا : إن ظاهر قبل أن ينكح فليس بشيء - وهو قول الشافعي ، وأبي سليمان .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 200 ] قال أبو محمد : قال الله تعالى : { الذين يظاهرون من نسائهم } فإنما جعل الكفارة على من ظاهر من امرأته ، ثم عاد لما قال ، ولم يجعل تعالى ذلك على من ظاهر من غير امرأته .

                                                                                                                                                                                          فإن قيل : فإنه إذا تزوجها فهو مظاهر منها ، وهي امرأته ؟ قلنا : إنما الظهار حين النطق به لا بعد ذلك ، ومن الباطل أن لا يلزم الحكم للقول حين يقال ثم يلزم حين لا يقال .

                                                                                                                                                                                          ومن علق ظهاره بشيء يفعله مثل أن يقول : أنت كظهر أمي إن وطأتك ، أو قال : إن كلمت زيدا - وكرر ذلك - فليس ظهارا - فعل ذلك الشيء أو لم يفعله - لأنه لم يمض الظهار ولا التزمه حين نطق به ، وكل ما لم يلزم حين التزامه لم يلزم في غير حال التزامه ، إلا أن يوجب ذلك نص ، ولا نص ههنا .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية