الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          215 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن توضأ فلبس أحد خفيه بعد أن غسل تلك الرجل ثم إنه غسل الأخرى بعد لباسه الخف على المغسولة ، ثم لبس الخف الآخر ثم أحدث فالمسح له جائز كما لو ابتدأ لباسهما بعد غسل كلتي رجليه ، وبه يقول أبو حنيفة وداود وأصحابهما .

                                                                                                                                                                                          وهو قول يحيى بن آدم وأبي ثور والمزني ، وقال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل : لا يمسح لكن إن خلع التي لبس أولا ثم أعادها من حينه فإن له المسح . [ ص: 334 ]

                                                                                                                                                                                          قال علي : كلا القولين عمدة أهله على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين } ، فوجب النظر في أي القولين هو أسعد بهذا القول ، فوجدنا من طهر إحدى رجليه ثم ألبسها الخف فلم يلبس الخفين وإنما لبس الواحد ولا أدخل القدمين الخفين ، إنما أدخل القدم الواحدة ، فلما طهر الثانية ثم ألبسها الخف الثاني صار حينئذ مستحقا لأن يخبر عنه أنه أدخلهما طاهرتين ولم يستحق هذا الوصف قبل ذلك ، فصح أن له أن يمسح ، ولو أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ذهب إليه مالك والشافعي لما قال هذا اللفظ ، وإنما كان يقول : دعهما فإني ابتدأت إدخالهما في الخفين بعد تمام طهارتهما جميعا ، فإذ لم يقل عليه السلام هذا القول فكل من صدق الخبر عنه بأنه أدخل قدميه جميعا في الخفين وهما طاهرتان فجائز له أن يمسح إذا أحدث بعد الإدخال ، وما علمنا خلع خف وإعادته في الوقت يحدث طهارة لم تكن ، ولا حكما في الشرع لم يكن ، فالموجب له مدع بلا برهان . وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية